خالد بن حمد المالك
ليست مصادفة أن تصل أرقام ميزانية (2019م) للدولة إلى هذا السقف العالي، فيما يواجه العالم انكماشاً في اقتصاده، وفتوراً طالت فترته في الركود الاقتصادي لديه، وأن تتوقف الدورة الاقتصادية في كثير من دول العالم عما كانت عليه، فيما تشهد المملكة هذه القفزات السنوية في إيراداتها ومصروفاتها.
* *
نعم ليست مصادفة، فقد تحدث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مبكراً في أكثر من مناسبة عن الخطط المرسومة لزيادة إيرادات الدولة، وعدم اقتصارها على العائد من بيع النفط، وهو ما لاحظناه واضحاً وجلياً في ميزانية هذا العام، بحيث أعطى ذلك مؤشراً إلى أن الرؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 كانا مؤثرين في نمو إيرادات الدولة وزيادة في مصروفاتها، وبالتالي الإعلان عن الميزانية بهذه الأرقام الكبيرة.
* *
الملاحظ أن عملية التنمية، وقطار الاقتصاد، والحراك الذي يجري حول هذين المسارين، اعتماداً على الرؤية، وتلبية لمتطلبات المواطنين، وعلى استمرارية العمل بهذا الجهد الكبير، بما جعل من المملكة دولة حضارية، قادرة على أن توفر لمواطنيها كل ما يحقق لهم الرفاهية والسعادة في مجتمع آمن، ودولة قوية، من خلال ميزانية هي الأكبر على مدى تاريخها، بما لا تفسير له سوى ذلك العمل الدؤوب المخلص الذي تم به تحقيق هذه النتائج المبهرة.
* *
إن وصول الإيرادات بحسب التقديرات المتوقعة إلى 975 مليار ريال واعتماد الميزانية بـ (تريليون ومائة وستة مليارات ريال)، إنما هي مؤشرات ممتازة على حسن الإدارة لتوفير هذه الإيرادات والإعلان عن أكثر من تريليون ميزانية للدولة في العام الجديد.
* *
الملك سلمان لم يكتف بالإعلان عن هذا الحجم الكبير للميزانية، وإنما صاحب ذلك تأكيده على المضي قدماً في طريق الإصلاح الاقتصادي، وضبط الإدارة المالية وتعزيز الشفافية، وتمكين القطاع الخاص، والحرص على أن تكون جميع الخدمات التي تقدم للمواطنين متميزة، معلناً أن اهتمامه الأول يتركز على مواصلة العمل نحو تحقيق التنمية الشاملة في جميع مناطق المملكة.
* *
والميزانية التي أعلن عنها الملك تهدف - كما استمعنا إليه - إلى دعم النمو الاقتصادي، ورفع كفاءة الإنفاق، وتحقيق الاستدامة والاستقرار المالي، وكلها ضمن إطار رؤية المملكة 2030 التي حددت أوجه الإيرادات والإنفاق وفق تقديرات مبكرة، وبقراءة وتحليل يتفقان مع الواقع.
* *
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أسرع من جانبه بعد إعلان الميزانية من خلال موقعه كرئيس لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إلى القول: إن الإصلاحات الاقتصادية، والهيكلية في الاقتصاد الوطني، تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، والاستدامة المالية، إلى جانب تحفيز القطاع الخاص، والعمل على تحسين مستويات المعيشة للمواطنين، مضيفاً: إن الإصلاحات والمبادرات الاقتصادية التي تم تطبيقها خلال العامين الماضيين ساهمت بشكل مباشر في خفض معدلات عجز الميزانية على التوالي.
* *
وضمن تصريح سمو ولي العهد أشار إلى أن الحكومة ملتزمة بالعمل على توفير المزيد من الخدمات، وتحسين جودة الحياة، والاستثمار في البنية التحتية للحاضر والأجيال القادمة، بما يحقق تطلعات المواطنين واحتياجاتهم، أي أن الميزانية راعت كل الجوانب، وتم توزيع بنودها بما يلبي احتياجات المواطنين ويوفر العيش الكريم لهم.
* *
هذه إذاً المملكة، قوة اقتصادية ومالية ضاربة، كما هي قوة سياسية وعسكرية تحتل موقعاً متقدماً بين دول العالم، وهذه الميزانية بأرقامها الكبيرة سوف تنفق على التعليم والصحة والخدمات البلدية ووضع قواتنا العسكرية في مستوى من التدريب والتحديث، لتحمي وتصون هذه الإنجازات الكبيرة ضمن دفاعها عن المملكة.