فهد بن جليد
هل يمكننا القول إنَّ للجنادرية فضل على الفن السعودي؟ المنصفون -من وجهة نظري- ستكون إجابتهم (نعم) لأنَّ المهرجان الوطني للتراث والثقافة قدَّم نشيداً سنوياً يعكس صدق الولاء وعظم الوفاء للوطن وقادته، وحمل على مدى ثلاثة عقود لواء الأغنية السعودية الوطنية، مُمهداً مضمار الإبداع أمام الشعراء والفنانين والمُلحنين والمُخرجين ليتسابقوا من أجل الفوز بالمُشاركة في أوبريتاته التي ظلت أغنية السعوديين الأولى، وهم يترقبونها وينتظرونها كل عام.
عرف السعوديون اللوحات الفنية الاستعراضية بهويتها ورونقها المحلي من خلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وفيه عرفت المسارح السعودية التجهيزات الفنية الضخمة وإدخال التقنيات والتجهيزات البصرية والصوتية والجموع الاستعراضية في الأغنية الوطنية، خلافاً للفعاليات الثقافية والأدبية المُتنوعة المُصاحبة لهذا الحدث، التي ساهمت بحفظ الحركة الفنية والإبداعية في الأدب والفنون الشعبية السعودية بكل ألوانها وأشكالها، فيما يُشبه المستودع الحقيقي للمُساهمة بحفظ هذا الحراك الفني من الاندثار أو الاختفاء من المشهد، واستعادته بشكل سنوي مُنظم للأجيال المُتعاقبة في مُناسبة وطنية كُبرى تعكس للعالم تراث وثقافة وموروث السعوديين.
الليلة في عرس التراث والثقافة (الثالث والثلاثين) الذي يُشرفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بحضور ضيوف المهرجان، نحن على موعد مع أوبريت (تدلَّل يا وطن) هذا الأوبريت الاستثنائي الذي يُنتظر أن يُحاكي أوبريتات المهرجان الوطني للتراث والثقافة الفنية السابقة، ويُعيدنا إلى ذاكرة البدايات بين محمد عبده وطلال مداح -رحمه الله- في الأوبريت الشهير (مولد أمَّه) العالق في الذاكرة مع بدايات دخول الأوبريت كعمل فني وأيقونة ثابتة في الجنادرية، فعندما يشدو محمد عبده وراشد الماجد على المسرح لوحدهما، فتلك لحظة ترقب لمُنعطف فني جديد في تاريخ أوبريتات الوطن.
وعلى دروب الخير نلتقي.