سامى اليوسف
حجب الثقة مشكلة، أمر مزعج، ومربك، ونوع من أنواع العقاب، وإعادتها دون إصلاح أو علاج لأسباب الخلل مشكلة أكبر من حجبها. وإعادة الحكم المحلي للدوري السعودي ستعيدنا إلى المربع الأول من المشكلة التي لم ننجح في تطويقها أو إصلاحها جذرياً، وفيه استجابة لنداءات أصوات متعصبة لا يهمها أمر إصلاح وتطوير التحكيم المحلي بقدر اهتمامها بمصالح فرقها وحسابات الفوز والخسارة.
فقد الحكم المحلي الثقة بعد سلسلة من الإخفاقات الإدارية والأخطاء التحكيمية الفضائحية مثل حادثة «دلهوم» الشهيرة وإلغاء هدف نجران الذي مازلنا نجهل سببه وعديد الجزائيات المضحكة في شكلها ونوعها وقرارها!.. وهذه الأخطاء بالمناسبة هي تراكمية توارثها جيل بعد آخر بسبب سوء الإدارة وفشل مشروعات الإصلاح، وبلغ الفشل منتهاه بعد فضيحة أفضل حكامنا بقضية الرشوة، التي وضعت نزاهة الحكم المحلي على المحك بكل أسف.
ومع قرار عودة الاستعانة بالحكم المحلي، يجدر بنا أن نسأل المعنيين: هل انتفت الأسباب التي أدت إلى حجب الثقة؟،ما هي الإصلاحات الحقيقية الملموسة التي اعتمدت برامجها أو مشروعاتها لتطوير الحكم المحلي؟، هل حُسمت قضية الرشوة التي ضربت نزاهة التحكيم المحلي في مقتل وصدر فيها حكم نهائي؟، هل وفرت الأجواء المشجعة والحماية لمثل هذه العودة وأعني تقليل عدد محللي التحكيم في القنوات الفضائية والحد من تصريحات رؤساء الأندية الغارقون بتغريداتهم المسيئة والمحرضة للجماهير والمثيرة للاحتقان وهم مع المحللين يشكلون ضغطاً رهيباً على الحكام وتحريضاً للجمهور بالتجريح والإساءة لكل عناصر اللعبة في ظل التعامل الانتقائي تارة والتلكؤ تارة أخرى من لجنة الانضباط؟. نحن كرياضيين مع الحكم السعودي قلباً وقالباً، وكتبنا عدة مقالات، وتحدثنا في عدة مناسبات عن مشروع التطوير والإصلاح للتحكيم المحلي بدءً بتوفير الأرضية والبرامج والعناصر الشابة، وهذه أدوات نجاح هذا المشروع الإصلاحي، لكن القرارات المفصلية أو الإستراتيجية يجب أن تكون مدروسة وملتزمة بمبدأ الشفافية والوضوح وليس بالطريقة المتناقضة المعمول بها حالياً، والتي تبرز في تناقض القرار بين بداية الموسم ومنتصفه، وفي عبارة فالتحكيم هو العمود الفقري لأي بطولة، ونجاح مشروع إصلاحه يرتكز على زرع الثقة الكاملة، وإعادة هيكلة، ثم اعتماد البرامج وتنفيذها مع اعتماد على طاقات شابة بفكر قابل للتطوير، وضخ الأموال، وتوفير مناخ يساعد على النجاح أساسه الالتزام والانضباط ونزع فتيل الاحتقان الجماهيري بعقوبات مغلظة تجاه المسيئين من كافة أطراف اللعبة.
خاتمة: «الثقة لا تتجزأ، إما أن تثق، أو لا تثق».