رقية سليمان الهويريني
على أثر فعاليات «فورمولا إي» الذي أُقيم في الدرعية؛ ارتفعت أصوات مرجفة تندد بالانفتاح الذي تشهده بلادنا، وأن ذلك يتعارض مع التعاليم الإسلامية، وأنه ليس من التطور! والحق ألا أحد صرح بأنه تطور، ولكنه مهرجان ترفيهي يسير جنباً إلى جنب مع التطور الذي تخطِّط له القيادة.
وكي لا نستبق الأحداث؛ فإن العبرة بالنتائج، فعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود سيطر الفكر الظلامي على المجتمع، حيث كانت تعرض على التلاميذ في المدارس طريقة تكفين الميت وتردد أناشيد الجهاد والقتل ونشر الكراهية لغير المسلمين، بل وحتى المسلمين المخالفين للفكر المسيطر على المجتمع! وكانت النتيجة حوادث قتل لبعض الوافدين وحتى للأقارب تحت ذريعة التكفير!
وللتأكيد على ذلك؛ اضطرار الحكومة لوضع أسوار شائكة وصبات أسمنتية حول السكن المخصص للمدربين الوافدين حمايةً لهم بعد حوادث اقتحام سكنهم وتفجيره عبر الأحزمة الناسفة. فأي إرهاب مارسه أصحاب الفكر المتشدِّد ونفَّذه أتباعهم بحجة «أخرجوا الكفار من جزيرة العرب»؟ والتاريخ يذكر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - توفي وقد رهن درعه عند يهودي في المدينة المنورة!
ولعل المهرجانات الترفيهية تبطل مفعول الأحزمة الناسفة وتجعلها ذكرى من الماضي تذكر ولا تعاد، فقد أوجعتنا مآسي قتل الوالدين والإخوة والأعمام والأخوال!
وحضور المهرجانات والحفلات الغنائية والسينما والمباريات الرياضية هي اختيارات شخصية، من يرى عدم شرعيتها أو أنها تشكِّل استفزازاً لمشاعره؛ فإنه غير ملزم بحضورها أو متابعة أخبارها، وفي نفس الوقت لا يفرض وصايته على الآخرين، فزمن الوصاية ولَّى!
وليتنا في هذه المرحلة الجديدة التي تعيشها بلادنا نتعلَّم كيفية تعاطي فن الاختلاف، فليس من حقك منع الناس عمَّا لا تريده أنت أياً كانت الحجة، ودع الناس يعيشون حياتهم حسب ميولهم وأفكارهم وتجاربهم، طالما لم يتعد أحد عليك.
وبعدها، ندرك أن وطننا العظيم يتسع للجميع!