فهد بن جليد
الكذب والتسويف والإخلال بالوعود وعدم الانضباط والالتزام بالمواعيد لم تكن يوماً أدوات أو علامات تطور وتقدم تدلُّ على الإنسان العصري أو (الكول)، الصورة التي يحاول أن يمرِّرها علينا ويخلقها حولنا بعض مُدَّعي التطور، عندما يُحاربون بصمت الالتزام الدقيق بالمواعيد والوعود في تعاملاتهم معنا على اعتبار أنَّ ذلك سلوك قديم لا يجب أن تتحلى به طوال الوقت، فالفوضى وعدم الالتزام فسحة مطلوب تقبلها بفعل تطور الحياة.
أفضل طريقة للالتزام بالوعد هي ألاَّ تعد بشيء، هذه الحكمة المنسوبة لـ(نابليون بونابرت) عبارة عن وصفة حقيقية للتخلص من أي حرج قد يُوقع الإنسان نفسه فيه، بسبب وعود كاذبة قطعها تحت بند المُجاملات غير المُلزِّمة أو الخادعة، التي أخرجت لنا فئة جديدة من (النصابين المودرن) من أصحاب اللسان العذب الذي يعطيك من طرفه حلاوة، ويروغ منك مثلما يروغ الثعلبُ، فالحياة العصرية والتطور والتقدم - لا تعني يوماً - الكذب والفوضى في الوقت، وعدم المُبالاة بالتزامات الآخرين، بل هي صفات يفترض أنَّها مذّمومة في السلوك الإنساني القويم.
أسوا ما في هذا الملف، أن توصف في مُجتمعك المُحيط، و في بيئة العمل أو لدى بعض الأصدقاء أو الأقارب بأنَّك حقنة (بالقيف)، وتوسم لدى البعض بالشخص الغصَّة الذي يصعب الانفكاك منه، والسبب نواياك الحسنة والتزامك بالمواعيد وتصديقك لوعود الآخرين وطلبك الإيفاء بها، التغير الذي نعيشه في أغلب تعاملاتنا اليومية أمر مؤسف ومُخيف للغاية، تحوَّلت معه مُعظم الأحاديث والمواعيد والاتفاقات والالتزامات والوعود إلى ما يُشبه (الكلام الفارغ) غير الموجب للإيفاء بين الأطراف، كلام استهلاكي على طريقة (لا تصدق كل ما يُقال) حتى لا تُصبح حقنَّة في نظر هؤلاء، فإمَّا أن تُصبح غير مُبالٍ مثلهم لتصل لدرجة (الكذب والنفاق)، أو أن توصف بالدقَّة القديمة ومن عصر أيام الطيبين لأنَّك صادق صدوق وعلى نياتك، وحقنة في نهاية المطاف!.
وعلى دروب الخير نلتقي.