موضي الزهراني
في يوم 18 ديسمبر من كل سنة هو اليوم العالمي «للغة العربية» وتم تحديد هذا التاريخ بالذات لكونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها عام 1973م الذي يقرّ بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن «اللغات الرسمية» ولغات العمل في الأمم المتحدة بعد اقتراح قدمته المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو! وهذا القرار لم يكن من فراغ، بل من جهود بُذلت من الخمسينات حينها قررت اليونسكو عام 1960 قراراً يقضي باستخدام العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظّم في البلدان الناطقة بالعربية وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية! وكذلك تم اعتماد الترجمة الفورية، إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة. وفي عام 1988 تم اعتماد العربية تدريجياً لغة عمل في المنظمة! وبعد سلسلة من الجهود والضغوط تم في عام 2013 تكريس يوم 18 ديسمبر يوماً عالمياً للعربية كإحدى العناصر الأساسية في برنامج عملها لكل سنة! فالعربية من أقدم اللغات السامية، وأكثر لغات العالم انتشاراً، ويتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة، ومن أكثر اللغات انتشاراً ونمواً، خاصة أنها ذات أهمية كبيرة لدى المسلمين فهي «لغة القرآن» ولا تتم الصلاة في الإسلام إلا بإتقانها! فالعربية تتميز بمواصفات لغوية عديدة، لكن للأسف الشديد بالرغم من مكانتها العالمية إلا أنها بدأت تتضآءل بسبب عدم الاهتمام بالتمسك بها تحدثاً وفخراً لدى الكثير من المختصين والمتحدثين في المحافل العلمية والزيارات الميدانية حتى داخل بلادنا! وبالرغم أن مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية ينفذ عدداً من البرامج العلمية والتحفيزية مع المؤسسات اللغوية والثقافية في الداخل والخارج ضمن برنامج الاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي، إلا أن الجهود أراها متواضعة مقابل ذلك الغزو الذي سيطر على الكبير والصغير حتى في الحوار اليومي العادي، ووصل حتى للغة الأطفال فيما بينهم! فالمسؤولية عظيمة على الجميع لأن لغتنا لغة القرآن قبل أي تصنيف آخر، والإجراءات الرسمية المتوقعة من المركز ليس فقط تلك البرامج العالمية للحفاظ على مكانة العربية عالمياً، وتوزيع النشرات التوعوية، والمشاركة في المعارض الثقافية العالمية فقط التي أنجزها خلال الخمس سنوات الأخيرة! بل نحتاج للتحرك أيضاً داخلياً وعلى امستوى العربي والمحلي، ودعم قيمة اللغة العربية من خلال عدم السماح بالاستهانة بها خلال المناسبات الرسمية واللقاءات العلمية من أجل ضيف أو ضيفين قدموا من خارج البلاد، مع تجاهل العشرات من الحضور العرب بكل بساطة!