رقية سليمان الهويريني
أغلب الحكومات في العالم -حين إقرارها الموازنات المالية السنوية- لا تضع في اعتبارها مخاطر الكوارث ولا تدرج ضمن خططها التنموية مخصصات مالية للحد منها، أو لعلاج آثارها، رغم أنها قد تواجه خسائر اقتصادية وبشرية لم تحسب حسابها.
يقول جيغيلوس، المنسق الإقليمي للحد من مخاطر الكوارث في برنامج الأمم المتحدة للتنمية (إن الاستثمار في مجال الحد من مخاطر الكوارث هو استثمار في التنمية).
وإذا علمنا أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الزلازل التي وقعت في نيوزيلندا واليابان والفيضانات الغزيرة في أستراليا وبقية آسيا في عام واحد قد بلغت حوالي 259 مليار دولار، فإن المفاجأة كانت في قيمة المؤمَن عليه التي لم تتعدَ مبلغ 52 مليار دولار، وفقاً لشركة التأمين العالمية (ميونخ ري) التي تغطي التأمين ضد الكوارث الطبيعية. وقد وصلت خسائر زلزال تسونامي اليابان فقط 220 مليار دولار وهي الجزء الأكبر من الخسائر.
وجاء في ثنايا تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة آسيا والمحيط الهادي أن الفيضانات غير المسبوقة في بلدان جنوب شرق آسيا لعام واحد سببت خسارة في الناتج التراكمي تقدَّر بنحو 6.3 مليار دولار وهو ما يشكِّل 0.9 % من الناتج المحلي الإجمالي لكل من كمبوديا وجمهورية لاو الشعبية الديموقراطية والفيلبين وتايلاند وفيتنام! وقُدِّر إجمالي الخسائر الاقتصادية في تايلاند من جراء الفيضانات بالمليارات. وتعد الكارثة الطبيعية الأكثر تكلفة على مستوى العالم!
وفي ظل التزايد السكاني واستمرار التوسع العمراني في المناطق المعرَّضة للكوارث فإن نسبة المخاطر الاقتصادية والبشرية في تنامٍ، بينما لا تزال التغطية التأمينية في العديد من بلدان المنطقة منخفضة للغاية لدرجة لا تتوفر معها الحماية الفعَّالة من المخاطر. وإذا احتسبنا تكاليف الإنعاش وإعادة التأهيل فإن ذلك يُضاف عبئاً ثقيلاً على تلك الدول المعرَّضة لمخاطر الكوارث، ويشكِّل ضغطاً اقتصادياً رهيباً على الحكومات التي ستتصدى للمخاطر المستقبلية.
ما يؤلم ويوجع هو أن الفقراء هم الأكثر تضرراً من الخسائر الاقتصادية، وهم يتركَّزون في قارة آسيا، بل إن 43 % من سكان آسيا يقيمون في المناطق المعرَّضة للكوارث مما يستوجب توسيع نطاق التغطية التأمينية للكوارث الطبيعية محلياً وعالمياً.