إبراهيم عبدالله العمار
في عام 1673م، كان الأديب الفرنسي جون موليير على المسرح يؤدي آخر أعماله، وأمام الجميع سقط بعد نوبة سعال دموية عنيفة، وتوفي بعدها بقليل.
ليس ذلك حدثاً عارضاً، بل وفاة الناس أثناء أدائهم حصل كثيراً، ففي عام 1817م توفي ممثل مسرحي بريطاني أمام الناس وهو يؤدي مسرحية «مأساة جين شور»، وآخر سطر تلاه من المسرحية: «ليُصبني ذلك في ساعتي الأخيرة»! وفي نفس القرن التاسع عشر قُتِل عدة أشخاص أثناء أدائهم خدعة الرصاصة السحرية، وهي أن يطلق أحد رصاصة على المؤدي الذي يلتقطها بفمه أو بيده (المسدس يطلق رصاصة وهمية لكنها تُؤدى بطريقة مقنعة)، وبسبب أخطاء مثل قطع حديد إضافية في المسدس غير الرصاصة الفارغة فإن بعض المؤدين قتلوا أمام الناس، وزاد المسألة تشويشاً أن المؤدين كانوا دائماً يتظاهرون أن الرصاصة قتلته وبعد ثوانٍ من ادعاء الموت ينهض ومعه الرصاصة ويصفق الجمهور، عدا تلك المرات التي سقط ولم يقم بعدها.
وفي القرن العشرين لما انتشرت الكاميرات والتلفاز زادت الأحداث المسجلة لأناس يموتون أثناء أدائهم، ففي 1911م قتل مؤد خدع لما سقط مصباح على المسرح وأشعل حريقاً قتله وقتل الأسد الذي كان جزءاً من الخدعة بالإضافة إلى 11 شخصاً آخر. وفي عام 1943م ظهر المثقف الأمريكي أليكساندر وولكوت على برنامج إذاعي يناقش الحرب العالمية الثانية التي كانت تستعر آنذاك، وعنوان تلك الحلقة «هل ألمانيا مستعصية على العلاج؟»، وتكلم أليكساندر بحماسه المعهود وآرائه الساخنة، وقال: «من الخطأ أن نظن أن هتلر هو سبب مشاكل العالم الآن، بل ألمانيا نفسها هي التي صنعته!»، وبعد فترة من الصمت استغرب السامعون لأن أليكساندر لا يكاد يتوقف عن التصريح بآرائه القوية، ولم يعرفوا أنه توفي على الهواء مباشرة بنوبة قلبية. وفيما يشبه فقرة الرصاصة السحرية، توفي الممثل الشاب براندون لي ابن أسطورة القتال بروس لي أثناء أداء مشهد في فيلم The Crow، وذلك أن الممثل الذي أطلق عليه الرصاصة قتله بعد أن عُبّئ المسدس خطأ برصاصة حقيقية، ولحق بأبيه الذي أيضاً توفي شاباً في الثلاثين. وعشاق المصارعة كلهم يعرفون وفاة أوين هارت الذي سقط من ارتفاعٍ عالٍ أثناء أداء دخولٍ غير مألوف للحلبة عام 1999م.
ولا مفر من تلك الأحداث، فلا تزال تحدث إلى اليوم، ومن أشهرها وفاة الأسترالي الشهير ستيف إيروين عاشق الحيوانات والذي حظيت برامجه بمتابعة عشرات الملايين حول العالم، كان يصور برنامجاً عن الحيوانات، وكان يغوص ليصوّر إحدى سمكات الراي اللساع والتي كانت تحته مباشرة، وخافت منه فضربته بذيلها والذي يتحول إلى مثل الرمح، وسددت له عدة ضربات آخرها طعنت صدره وكان فيها حتفه، وهي المرة الوحيدة التي سُجّلت فيها وفاة بسبب سمك الراي، ونختم باسم البرنامج الذي كان ستيف يصوره، وهو اسم مناسب لكن لم يتوقّع أحد أن ينطبق هنا: كائنات المحيط القاتلة!