تهيمن الحكومة المركزية بمملكة البحرين على مرافق الأمن والجيش والقضاء والمواصلات والصحة والاتصالات والتعليم والإعلام، وهذه هيمنة طبيعية لارتباط عمل هذه المرافق بالأمن القومي.
ونظراً لأن إدارة المرافق المذكورة تعد من الأمور المهمة مما قد يقلل من متابعة الحكومة المركزية بما يكفي للأمور الخدمية للمواطنين.
لذا ارتأت القيادة الحكيمة للدولة تدريب المواطنين على مشاركتها في أعمال الإدارة، وحث الأجيال الناشئة على استكمال مسيرة الإصلاح والتطوير، بحيث يقتصر دور الحكومة المركزية على الرقابة والإشراف.
وتفعيلاً لما نص عليه دستور مملكة البحرين من وجوب العمل بنظام البلديات كنظام للإدارة المحلية في إطار الأسلوب اللامركزي فقد صدر المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 2001م بإصدار قانون البلديات، والذي بموجبه عهد المشرع البحريني للمجالس البلدية وضع الخطط الاستراتيجية لإدارة المرافق المحلية لتطويرها والنهوض بها تحت إشراف ورقابة الحكومة المركزية، وذلك لتوزيع الأعباء والمسئوليات بين الحكومة المركزية والمحافظات والإدارات.
وقصد المشرع من ذلك - من ضمن ما قصد - التقليل من حدة النظام المركزي الذي قد يؤخر عملية تطوير البلديات لأسباب مردودة إلى البطء في اتخاذ القرار لكثرة الأعباء الملقاة على عاتق الحكومة المركزية مما قد ينعكس سلباً على سرعة إشباع حاجات المواطنين.
وبموجب التشريع المشار إليه اعترفت الحكومة المركزية بالمرفق المحلي، وتخلت له عن جزء من وظيفتها الإدارية ليستقل بإدارتها ومباشرتها في حدود كل محافظة، وأصبح المرفق المحلي متمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة، مما يجوز مقاضاته بعيداً عن الحكومة المركزية ليتحمل مسئوليته.
وليس هذا فحسب فلقد أتيح للمواطنين انتخاب من يمثلهم في المجالس البلدية وفقاً للتشريعات المنظمة لذلك.
ولعل ما شهدته الدولة في الآونة الأخيرة من تمكين مواطنيها من الترشح للانتخابات ليختاروا بحرية من يمثلهم في إدارة المجالس البلدية خير دليل يكشف عن رغبة الحكومة المركزية في إسناد مهمة رعاية المصالح المحلية لتلك المجالس.
والواقع فإنني أرى أن القيادة الحكيمة للدولة عندما قللت من النظام المركزي في الإدارة، قد أتاحت للمواطنين اختيار من يحقق لهم مصالحهم تنفيذاً للمشروع الإصلاحي الديمقراطي الذي أرساه جلالة الملك.
ولقد أثبت الواقع العملي نجاح النظام اللامركزي الذي انتهجته القيادة الحكيمة، لأنه حقق بالفعل كفاءة أعلى في العمل الإداري على المستويين المركزي واللامركزي وليس هذا فحسب، فتمكين المواطنين من المشاركة الفعلية مع الحكومة في شئون الدولة يعد دعماً وتعزيزاً للدولة وخدمة للمواطنين.
** **
د. سعاد ياسين - نائب رئيس جمعية المحامين البحرينية