د. خيرية السقاف
في المنتهى تكمن الذرائع..
المسن الذي بات منعزلا وحيدا،
تؤنسه غمضة عينيه حين تستغرق في كمونهما العميق..
تطيب له رشفة غذاء دارت بمكوِّناته أسنة معدنية فاختلط ليِّنا،
حين يمرره بلعومه المترهل في مخبئه، يمسح على بطنه بباطن كفِّه، يتمتم بالحمد..
رشة العطر في مدى صلعته التي غادرها النبت مذ اشتعل بياضا، ورقَّ سُمكا
تتلألأ بشذاها يطوف بها كفُّه، مع زفرة آهة طويلة..
رجفة يديه تبعث الخفق في صدور الناظرين إليه..
قدماه الممتدتان ارتفاع مقعده المخملي، تبصم خطواته،
خطواته التي مضى بها الزمن، وشاخ..
قطعة ثيابه التي يرضى تبوح بنقائها،
تغطيه، وتنحدر قليلا تلفُّ ما بقى من جانبيه..
ذرائعه للهجود، للكمون باهظة الزمن ..
بقاياها كما الأعلام في رأسها وميض بين خطوط جبهته..
المنتهى في وهن عظامه حدٌّ فاصلٌ بين البقاء الذي كلَّ،
والفناء الذي هلَّ..
صوته الوحيد أنفاسه،
شهيق متقطع، وزفير تكمن له الموحيات
آهة عظمى، وتنهيدة حيرى..
الصورة موغلة في المراحل..
عشرة عقود يتسع بها الإطار طولاً..
بمئآت المفاصل عرضا، بألوف الومضات عمقا..
يتكلل بالسكوت..
بأصدق ذريعة فيه للمنتهى..
بأشدُّ مقصلة تجز الخوف غليه في عيون الناظرين..
يا لهول المفاجأة،
يكلل صوته الأجش اللحظةَ التي يسأل فيها عن وقت الصلاة،
ويكون الوقت مختلفا عليه؟!..
المسنُّ في منتهاه خارج إطار الصورة
ليله الذي غاب في نهاره، ونهاره الذي اندمج بليله..
وهُمْ الناظرون إليه داخلها..
يوغلون في الإطار،
المنتهى ومضة رمش مُغمضَتيه..
وعيونهم مشرعة في وله عليه!!..
*** *** *** *** ***
النص أعلاه حالة «إنسان»، في «مَرسَم» الحياة، بينما «يتنفس»!!..