هالة الناصر
لا يمكن لأي فعالية في الدنيا أن تتوقع على نفسها ولابد لها أن تستهدف جميع أطياف البشر بلا استثناء وتكون رسالتها عالمية لتحقق أهدافها القصوى، وهذا مافعله القائمون على مهرجان الجنادرية لهذه السنة، تحويلها لرسالة عالمية تحمل تراثنا المشرق ووجه ثقافتنا الوضاء كان هدفا رائعا، إذ لا يمكن أن نفصل بين المكانة الدولية التي أصبحت عليها المملكة العربية السعودية حاليا، ودورها المحوري في مجريات الأحداث بالمنطقة والعالم، وبين مكانتها الثقافية التي حققتها خلال السنوات الأخيرة، والتي كان من ثمرتها المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» الذي تحول من مهرجان محلي إلى تظاهرة عالمية وقبلة المفكرين والأدباء والمثقفين من شتى أقطار الأرض. ونتيجة للثقل السعودي الدولي، بات ينظر لهذا المهرجان في المحافل الثقافية والتراثية الدولية على أنه فعالية تمثل موروث ملايين العرب من المحيط إلى الخليج ومليار مسلم ينتشرون بعاداتهم وتقاليدهم في القارات السبع، أي أن الجنادرية لم تعد حدودها السعودية فقط بل أضحت تكتسب عالميتها وانتشارها من ريادة المملكة للعالمين العربي والإسلامي. وكان من نتيجة هذه المكانة المميزة التي حققها المهرجان على المستوى العالمي، أن حرص العشرات من الرؤساء والملوك والقادة على حضور فعالياته في نسخه المختلفة، وأرشيف صور الجنادرية حافل بلقطات تاريخية لملوك وقادة يرقصون العرضة ويتجولون بين أروقة المهرجان في حالة انبهار وتقدير لا يوصف للثقافة الشعبية العربية ككل والسعودية على الخصوص. أصبحت الجنادرية الوجهة الأولى للمفكرين والمثقفين والأدباء والمشتغلين بالتراث والموروث من مختلف أنحاء العالم، الذين يحرصون على القدوم لزيارة المهرجان كل عام قاطعين آلاف الأميال للتعرف على الكنوز الفكرية السعودية وسبر أغوار تاريخها المجيد من خلال مفردات وعناصر الجنادرية الجامعة المانعة. ويكفي أن تطلع على البرنامج الثقافي للمهرجان لتتعرف على القضايا التي تناقشها ندواته وتتأكد من دولية المهرجان وشمولها لمختلف الملفات العالمية التي تطرح للنقاش بكل جرأة وشفافية، لينافس المهرجان بذلك أعتى المحافل العالمية الثقافية. ولا غرو أن نسمع بين الحين والآخر، أصواتا كثيرة تنادي بضرورة تحويل الجنادرية إلى «قرية عالمية» مفتوحة أمام الجميع طوال أيام السنة، في ظل حالة الإقبال الدولي عليها بعدما تحولت إلى معلم مادي وتراث حضاري سعودينشد الجميع رؤيته والتعرف عليه واكتشاف تفاصيله، وهو ما سيشكل خطوة هامة للقطاع السياحي السعودي بالفعل الذي يراد له أن يلعب دورا أكبر وأضخم تأثيرا في الاقتصاد السعودي خلال السنوات القادمة في ظل رؤية المملكة 2030.