«الجزيرة» - الاقتصاد:
قال محلل السندات بـ«الجزيرة» إن الصكوك الحكومية أوقفت الانطلاقة المتواصلة لعوائدها بعد أن سجلت آخر إصدارات هذه السنة هبوطاً ملحوظاً في تكاليفها على خزانة الدولة في الوقت الذي تزامن فيه هذا الإصدار بأعلى حجم من حيث إعادة تغطيته التي تعدت أربعة أضعاف المبلغ المطلوب (الإصدار كانت 1.2 مليار ريال وحجم الطلبات وصل إلى 6.05 مليار ريال).
ولفت المصرفي مُتخصص بأسواق الدين والائتمان محمد خالد الخنيفر إلى أنه المرجح أن أحداث عالمية ومحلية قد لعبت دوراً مؤثراً في انخفاض العوائد. مبينًا أنه على الصعيد العالمي أسهم تدني عوائد سندات الخزانة الأمريكية في تشجيع المصدرين نحو التوجه لأسواق الدين. أما على الصعيد المحلي فيدور حديث بأن هناك توجهًا حكوميًا نحو إعفاء عوائد الصكوك الحكومية من الزكاة مع الحسبة الجديدة، الأمر الذي يحفز المستثمرين على اقتناء تلك الأوراق المالية، وعلى الجانب الآخر هناك حديث بأن جهود توسيع قاعدة المستثمرين قد بدأت في الظهور، وهذا ما تجلى مع شريحة العشر السنوات التي لا تحبذها البنوك ولكن تجد إقبالاً من شركات التأمين.
وقال الخنيفر إن هناك نقاطًا لافتة لاحظناها مع إصدار ديسمبر:
- الأسعار الثانوية المذكورة بنتائج طرح إعادة الفتح الثاني من الإصدار الثامن توضح أن هناك طلبًا عاليًا على الإصدار الرئيس الثامن (أكتوبر)، وذلك نظراً للعوائد القياسية الخاصة به ولذلك لاحظنا ولأول مرة أن أسعار تلك الشرائح كانت تتداول عند مستويات 102 وذلك فوق قيمتها الأسمية (100).
- للمرة الثانية على التوالي يتم تغطية الإصدار بنسبة أعلى من 300%، وهذه المرة النسبة كانت 471% مما يؤكد ما تم تسريبه من القطاع البنكي بأن هناك توجهًا نحو تقديم إعفاءات ضريبية على عوائد الصكوك أو أن المتعاملين الأوليين قد نجحوا في توسيع قاعدة المستثمرين.
- بخلاف الأطروحات السابقة التي كانت شريحة الـ5 سنوات الخيار المفضل للمستثمرين، نلاحظ وللمرة الثانية على التوالي أن أعلى شريحة كان عليها طلب هي العشر السنوات وقد نعزو ذلك للجهود التعريفية بأهمية الاستثمار بالسندات الطويلة الأجل لصالح صناديق التقاعد وشركات التأمين.
- شريحة الخمس السنوات سجلت ثاني أدنى عائد لهذه السنة بوصولها إلى 3.27% مقارنة مع أقصى ارتفاع سجلته وهو 3.68% وقد نعزو ذلك للطلب الكبير على هذه الشريحة من المستثمرين وكذلك انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية.
- تمكن مكتب الدين ولأول مرة من تسعير شريحتين تحت سقف معدل العائد النهائي (مع إصدار نوفمبر) وشريحة أخرى كذلك مع إصدار ديسمبر. وهي المرة الأولى التي نرى فيها تلك المرونة التسعيرية من المستثمرين ومكتب الدين، وذلك بعد تطبيق آلية المزاد الهولندي في يوليو 2018 ففي السابق كان من الصعب التسعير تحت سقف معدلات الربح نظراً لمحدودية الطلبات على الإصدارات الحكومية.
أهمية الدور الإعلامي مع الصكوك الحكومية
وأكد خبير السندات بـ»الجزيرة» أنه مع استلام مكتب الدين العام لملف إصدارات الحكومة السعودية من أدوات الدين، كان هناك تفاعل من كل وسائل الإعلام المحلية والإقليمية بهذه الإصدارات. الأمر الذي أسهم في زيادة حجم الوعي بأهمية تلك الأوراق المالية بين أفراد المجتمع وشريحة المستثمرين. حيث كانت وكالة الأنباء السعودية (واس) توزع البيانات الصحفية لكل إصدار, وذلك تماشياً مع أفضل الممارسات العالمية للدول التي تقترض محلياً ثم تصدر بيانات صحفية توضح فيه الجوانب الفنية للإصدار. وأضاف الخنيفر: هذه الآلية الإعلامية يبدو أنه وقع بها عطب مؤقت بالآونة الأخيرة. فمنذ إصدار شهر نوفمبر وحتى الثلاثين من ديسمبر (لاحظ أن هذا الإصدار قد تم تسويته في 26 ديسمبر) ونحن لم نشاهد أي بيانات صحفية لإصدارين متواليين من حكومة المملكة العربية السعودية. حيث تغيب التقارير الإخبارية من واس (لسبب تنسيقي) وتظهر البيانات الفنية للإصدار في موقع مكتب خدمة الدين العام (ولكن من دون علم العموم أو الإعلام بإغلاق مثل هذه الإصدارات). وهذا الأمر لا يتوافق مع وثيقة تطوير القطاع المالي التي تدعوا لزيادة الثقافة المالية للمواطنين الذين من المنتظر أن يستثمرون بصكوك الادخار الحكومية خلال السنة القادمة.
للجسورين فقط
وقال محمد الخنيفر: ونحن نودع سنة 2018 علينا أن نتذكر التحديات التي شهدتها أسواق الدين وأثرت على جهات الإصدار الخليجية. فعلى سبيل المثال، شهدنا في آخر شهرين سحابة من التحديات التي واجهة المصدرين الخليجيين وفرضت على 5 منهم تأجيل إصداراتهم الدولارية من الصكوك. في تلك الفترة كانت أسواق الدين الإسلامية مفتوحة للجسورين من الشركات الخليجية التي لا تأبه لدفع علاوة سعرية فوق التسعير العادل. وأردف: لعل الشيء الإيجابي الذي لاحظناه هذه السنة هو كون الصكوك السيادية أكثر استقرارًا بالأسواق الثانوية مقارنة مع السندات. وكذلك جهات الإصدار ذات التصنيف الائتماني المرتفع التي تصدر صكوك وهذا النوع من الإصدارات سيحظى بدعم المحافظ الإقليمية بالخليج، مما يساعد في التقنين من حدة التذبذبات الثانوية.