فضل بن سعد البوعينين
تزامن صدور الأوامر الملكية مع الإعلان عن أكبر ميزانة في تاريخ المملكة، وبما تضمنته من إنفاق رأسمالي حدد بـ 265 مليار ريال موجه لاستكمال مشروعات التنمية، وتحفيز الاقتصاد، ودعم القطاع الخاص.
تحتاج مرحلة البناء إلى الصبر، والدقة في قياس الأداء، ومراجعة البرامج والقرارات لتعزيز المكاسب وإعادة النظر في بعض القرارات التي لم تتوافق مخرجاتها مع الدراسات والتوقعات الأولية. مرونة الحكومة في مراجعة قراراتها يسهم في اختزال مرحلة البناء والتطوير، ومعالجة القصور والحد من التداعيات المؤثرة على منظومة التغيير الشاملة، والتي قد ترتبط أيضًا بمراحل مختلفة، ومتطلبات خاصة تتوافق مع كل مرحلة من مراحل الإصلاح المتعاقبة. فالتغيير لا يعني قطعية الفشل أو القصور، بل ربما ارتبط باحتياجات مرحلية تعزز المكاسب الأولى وتدعمها بنجاحات تراكمية لاستكمال البناء.
والمتمعن في الأوامر الملكية يجد فيها تنوعًا بين الحقائب الوزارية، وإعادة الهيكلة، وإنشاء الهيئات الداعمة لتحقيق الأهداف المستقبلية، وتهيئة البيئة الحاضنة لها. ولعلي أشير إلى إنشاء هيئة المحتوى المحلي والمشتريات، وهي أحد أهم الهيئات المرجو منها تحقيق هدف التصنيع وإعادة تنظيم المشتريات الحكومية وبما يربط بين الإنتاج المحلي وعقود الشراء الحكومية.
الأمر عينه ينطبق على إنشاء هيئة الفضاء ودورها المأمول في تنظيم القطاع الفضائي، القطاع الأكثر أهمية لمستقبل المملكة، وتعزيز مساهمته في الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة، وخلق جيل من الكوادر المؤهلة وتعزيز جانب البحث العلمي، وبناء الشراكات في مجال الفضاء لتطوير البرامج الفضائية.
هيئة المعارض والمؤتمرات من الهيئات الجديدة التي فرضتها المتغيرات الاقتصادية والحاجة للتطوير وتعزيز المكتسبات واستثمار المقومات المتاحة وبما يدعم توجه الحكومة لتحويل المدن الرئيسة إلى قبلة للمعارض والمؤتمرات العالمية.
إعادة تشكيل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية كان ضمن الأوامر الملكية، وأحسب أن إعادة تشكيله ارتبط بإعادة تشكيل مجلس الوزراء، غير أن المراجعة المستمرة أمر محمود، لتدعيم المجلس بعضويات جديدة تزيد من فاعليته وتسهم في تحقيق التنسيق الأمثل بين الوزارات والهيئات ولضمان تنفيذ برامج الحكومة بكفاءة، وتعزيز فرص نجاح الإصلاحات الاقتصادية ورؤية 2030. كنت أتمنى دخول محافظ مؤسسة النقد كعضو في المجلس، لما للمؤسسة من ثقل في الاقتصاد، وتأثير على برامج الإصلاح، ولما تمتلكه من رؤية شمولية للاقتصاد وتوجهاته، والانعكاسات المؤثرة فيه. إشراف «ساما» على القطاع المالي يجعلها أكثر قدرة على قياس انعكاس القرارات المالية والاقتصادية، والتنبوء بمتغيراتها الآنية والمستقبلية، وبما يحمي الاقتصاد من الانعكاسات المفاجئة، ويضمن تحقيق النمو المستهدف وفق بيانات مالية ونقدية دقيقة. إضافة إلى ذلك، فمرحلة البناء والإصلاح الاقتصادي تحتاج بشكل كبير إلى القطاع المصرفي والتمويل النوعي الداعم للقطاع الخاص، ما يعزز أهمية مشاركة «ساما» في صنع القرار الاقتصادي من داخل المجلس.