على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وتأتي على قدر الكرام المكارم، وتعظم في عين الصغير صغارها.. وتصغر في عين العظيم العظائم، ما سبق هو من أكثر الأبيات الشعرية التي قالها الشاعر أبو الطيب المتنبي حكمة وبلاغة، وسجّل لحالة نفسية وتفسير لحركة المشاعر وتباينها، وهو فيها يقرر أن بداية تحقيق الأمنيات تأتي من الإنسان من ذاته، بل من داخله، ومن إيمانه بإمكانياته على الوصول مهما كانت المشقَّات والشدائد، ومهما كانت المصاعب.
ذلك أن الرجال أصحاب القوة والمتانة والعزم لا تفزعهم المصاعب مهما كانت، ولا تثنيهم التحديات أياً ما كانت، لأنهم متيقنين أن الأعمال الرائدة لا يمكن أن تتحقق بالجهود العادية، غير أنه من الأهمية بمكان الجزم أنهم يملكون الرؤية الخاصة والقدرة الفائقة على تفسير العوامل الفاعلة في الواقع وفصلها، في الوقت الذي يجيدون فيه إزالة تلك البواعث والمؤثرات المبهمة والمتداخلة والمتسارعة عن بعضها البعض للوصول إلى تفاصيلها، واستكشاف أهم عناصرها والتصرف معها.
فإرادة من دون رؤية لا يمكن أن تحرز شيئاً، كمن يؤدي جهداً كبيراً في التحرك لكن في نفس المكان أو في خطوط غير متوازية فلا يحقق شيئاً بعد أن تستهلك قوته وتستنفد مقدراته، لكن الرؤية الخالصة الثاقبة هي الأساس، كما أن الرؤية من دون إرادة تطبيق واكتساب أدوات السير والتحرك تتحول محض أماني أو نظريات يمكن قراءتها والتأمل فيها والتلذذ بها كوجبة فكرية، غير أن النجاح الحقيقي يأتي من اكتمال الرؤية مع القدرة على ترجمتها إلى برامج، وتحديد أولويات إنجاز الأهداف، وتناغم الحركة بين كافة الوسائل والإمكانيات، لتكون في الأخير مشهد الصورة المتكاملة التي يمكن لمن ينظر إليها أن يشعر أن وراءها مخطط بارع لم يخالف أو يتباعد أي عنصر من عناصرها.
ذلك في تقديري الفكر الذي منح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني سابقاً قبل صدور الأمر الملكي بتعيين سموه رئيساً لمجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء بمرتبة وزير جائزة «إنجازات الإعمار» عبر مبادرة «تكريم»، وتسلّمها له غرّة شهر محرم الحالي في قصر الثقافة بعمان في المملكة الأردنية الهاشمية.
فلا تزال أصداء ذلك التكريم، حديث الرأي العام العربي والعالمي لا سيما أنها تؤكد إسهامات سموه المؤثرة في جميع القضايا والمجالات لخدمة الإنسانية ورؤيته غير التقليدية في التمكّن من علوم الفضاء ونشر العلم والمعرفة والتفوق وصياغة المستقبل بروح الثقة والتحدي وبناء عالم سياحي أكثر تفاعل بين الشعوب وتحفيزاً للنمو الاقتصادي، فكلما ذُكر الخيال الممكن في السياحة يتبادر إلى الذهن على الفور عقل وفكر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لما تركه من بصمة بأعمال ومبادرات رائدة وأفكار متميزة كبرى ملأت سياحة وتراث وطنه، تنمية وتقدما وتطويراً وتحديثاً.
ولأن بناء الإنسان هو البوابة القيادية للتنمية السياحية، فقد كان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود سباقاً في الرهان على الإنسان وطريقة إعداده وتأهيله وإنعاش مهاراته لأنه يؤمن بأن بناء البنيان يعتمد في الأساس على الإنسان. وأن بناء الإنسان وتهيئته بما يمكنه من التميز وتحقيق البهجة له ولغيره والتقدم لمجتمعه ووطنه هو الغاية المنشودة من وراء أي جهد سياحي وتراثي، فضلا عن أن سموه دائماً يؤكد على أن الإنسان هو حجر الزاوية في معادلة التنمية السياحية، وأن الاهتمام بتوفير الأجواء الداعمة له، والمعينة على جلب المتميزين من الكفاءات والعقول نحو مسارات جديدة لعملية التطوير، من أهم المتطلبات التي تضعها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في مقدمة أولوياتها.
هذه الرؤية التي يتبناها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود جاءت بثمار إيجابية على الوطن، وصارت مثالاً يصبو إليه كل عربي، وتحوّل الإنسان السعودي رأس حربة في تنمية عجلة اقتصاد وطنه، وفتح أمام مواطني وطنه المزيد من فرص العمل، والاستثمار في شتى مناطقهم ومدنهم وقراهم، وبمختلف مستوياتهم التعليمية والعمرية وتعمل بإخلاص ووعي تحت ظل قيادة رشيدة جعلت من السياحة والتراث هدفاً لرؤيتها 2030
وبما أن الإنسان هو الرقم الصعب في هذه المعادلة فقد كان لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود منذ البداية مهموماً في قراراته ونهجه وأقواله بمشروع بناء الإنسان فهو الذي قال عن منهجه بالعمل في الهيئة : « لذلك أردتُ أن يكون سيرها كخبب الجياد بين الركض والهرولة، حتى لا يفقدنا الاستعجال التوازن، أو يفقدنا البطء تحقيق الإنجازات المؤملة، استطعنا وشركاؤنا أن نحول ما كان يعتبر في ذلك الوقت خيالاً وغير ممكن إلى واقع ممكن وقابل للاستمرار والنمو والازدهار».
قال وكتب والتزم واقتنع وأكَّد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عن بناء الإنسان في السياحة والتراث والفضاء، واستطاع ترسيخ هذه المفاهيم بين أبناء وطنه، وثبَّتَ ثقافة تحرص الأجيال الحالية والمقبلة وخاصة الشباب منهم على العمل بها للوصول إلى مستقبل مضيء ينسجم مع متغيرات العصر السريع والمتلاحق.
كل التحية والتهنئة لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بمنحه «جائزة إنجازات الإعمار» الذي صار نموذجاً لأمير منجزات الإعمار.
** **
- مدير العلاقات والإعلام بإدارة تعليم وادي الدواسر