سلمان بن محمد العُمري
كلما رأيت عملاً من أعمال الخير والبر والإحسان للشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي، أو سمعت عنها تذكرت قول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، «نعم المال الصالح للمرء الصالح»، وأحسب أن الشيخ سليمان الراجحي علم من أعلام البر والإحسان وليس علماً من أعلام المال فقط، وهو من النوادر الذي نظم نفسه ولعائلته منذ عقود طوال برامج وأعمال خيرية في داخل المملكة وخارجها، وختمها بمؤسسة وقفية ونظام وقفي فريد ومتميز تلافى فيه ما وقع فيه غيره من إشكالات بين المورثين، وعمل على صك الوقفية ونظامها عدد من القضاة والمحامين وذوي الخبرة، وقد وظف من قبل فريق من العاملين لإدارة أعماله الخيرية.
كنت في المقبرة بمدينة الرياض وتحديداً مقبرة النسيم مع أحد الإخوة ننتظر قدوم جنازة لنشارك أهلها الدفن والتشييع فإذا بسبع سيارات تابعة لجامع الراجحي، وأقل سيارة فيها كانت تحمل جنازتين في وقت واحد ثم تلاهما حافلتان تنقلان المشيعين من المسجد إلى المقبرة، وسيارة أخرى للسقاية، وهذا عقب جميع الصلوات بلا استثناء وفي جامع الراجحي بالرياض، وقلت لصاحبي هنيئاً له هذا العمل المبارك فكم نال من الأجور على تهيئة مغاسل الموتى وتجهيز الجنائز ونقلها ومن يصلون في هذا الجامع الكبير الذي يعد واحداً من عشرات الجوامع الكبيرة المنتشرة في مدن المملكة.
قال لي صاحبي: ما نراه هو غيض من فيض مما أنعم الله به على هذا الرجل الصالح من أعمال البر والخير فلا تكاد تخلو مدينة من مدن المملكة من أعمال خيرية، وفي مقدمتها مكة المكرمة والمدينة المنورة فله فيهما مناشط وبرامج وأعمال خيرية ليس للحجاج والمعتمرين، بل وحتى للفقراء وغيرهم في هاتين البلدتين المباركتين مع عموم مناطق المملكة.
وقال لي صاحبي: إن أعماله الخيرية لم تقف عند حدود المملكة العربية السعودية، بل شملت دولاً عربية وإسلامية وحتى مناطق المجتمعات والأقليات المسلمة في الخارج، فهناك من المساجد والمعاهد والمدارس التي تم إنشاؤها بدعم من هذا الرجل دون أن يكون هناك إعلانات، وحملات إعلامية، وكل ذلك ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.
ولا يقف الأمر عند بناء المساجد والمدارس، بل هناك من الأعمال الخيرية المتعددة، وهناك فروع لمؤسسته الخيرية في عدد من المدن تقوم بتقديم الغذاء والكساء للمحتاجين من الضعفاء والأرامل والأيتام والمساكين، وله جهود في التعاون مع الهيئات والمؤسسات الحكومية في دعم أعمال البر والإحسان وعمل المعروف في القطاعات الصحية والاجتماعية والتعليم، وكفالة طلاب المنح.
وهو من يغبط على ما هو عليه ليس في وفرة المال، ولكن كما قال بعض العلماء: إن من يغبط على هذه النعمة من وفقه الله تعالى فكسب المال في حله وأنفقه في محله، واجتهد في بذل الطاعات والقربات، وما زلت أذكر أن مؤسسة سليمان الراجحي الوقفية هي من أولى المؤسسات المبادرة في دعم الأعمال الإغاثية والإنسانية عند تنظيم الحملات الرسمية، وأذكر أنها قامت في إحدى الحملات بتقديم 23 مليون ريال ضمن حملة خادم الحرمين الشريفين لإغاثة الشعب السوري قبل عامين، وتبرعت أيضاً لبرنامج التحفيظ في المسجد النبوي بعشرات الملايين كدعم سنوي وثابت، وكذلك طباعة الكتب، والكثير مما لا يعلمه البعض عن القنوات الفضائية الهادفة قائمة على دعمه، بل إن هناك على قناة قرآنية بأكثر من 30 لغة قد قام بتبنيها خلاف القنوات الفضائية الأخرى، وقد سمعت أن ما قام بإيقافه قبل أكثر من أربعة أعوام ما يزيد على ثلاثة وثلاثين مليار ريال، ومنها شركات كبيرة كالشركة الوطنية وغيرها من الشركات الكبيرة، والشيخ سليمان الراجحي واخوانه ممن أتاهم الله مالاً فسلطوه على ملكته في الحق وانفقوه في وجوه البر، هم وغيرهم من رجال الأعمال من أهل الخير من أصحاب البر والإحسان والصدقات الجارية.
فهنيئاً ثم هنيئاً لسليمان الراجحي ولكل رجل بر وإحسان وفقه الله سبحانه وتعالى، وسخر ما أعطاه الله من المال في خدمة البلاد والعباد بمشاريع في الخير والإنفاق والصدقات الجارية، وصدق الشاعر حينما قال:
ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا
وأقبح المرء في دنيا بلا دينِ
وقبل الختام أود أن أذكر مما جاء في صك الوقف للشيخ سليمان الراجحي: «كما أشركت في أجرها كل مسؤول في أي جهة حكومية أو أهلية قدم دعماً وتسهيلاً، أو أزال عقبة عن هذه الأوقاف رغبة في إنجاحها ورعايتها، كما أشركت في أجر وقفي كل من صدرت مني أو من أحد والدي إساءة إليه بغيبة أو نميمة أو بهتان أو غير ذلك؛ رجاء مغفرة الله ورضوانه لي ولوالدي.. وأشركت فيه جميع العاملين ووالديهم وكل من أسهم فيه بجهد أو نصيحة أو مشورة أو دعوة صالحة».