د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عمَّا يمكن أن يحمله العام الجديد للرئيس ترمب، فالمحقق الخاص في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، روبرت مولر، على وشك الانتهاء من تقريره، ويتوقّع أن يحمل التقرير بعض المفاجآت، التي لن تروق لخصمه الشرس ترمب، ومولر يحمل تاريخاً عدلياً طويلاً، يجعل فرائص من يتولى التحقيق في أمره ترتعد، فهو كان محارباً في فيتنام، ومدعياً عاماً في أكثر من مقاطعة، قبل أن يتولى إدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) لمدة طويلة (12 عاماً)، ومنذ أن بدأ تحقيقاته، وترمب يهاجمه، وسط صمت عجيب لهذا المحقق، الذي أطال أمد التحقيق، ودخل في دهاليز أعقد التفاصيل، واستدعى عدداً كبيراً للتحقيق، ولم يقدِّم تقريره قبل الانتخابات النصفية الماضية، كما كان يأمل ترمب، وسيقدِّم التقرير، في ظل سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب.
وعلاوة على تقرير المحقق مولر، فإن ترمب سيواجه تداعيات استقالة، أو بالأصح إقالة الجنرال، جيمس ماتيس، وزير الدفاع، الذي وصل خلافه مع ترمب نقطة اللا عودة، بعد قرار الأخير سحب القوات الأمريكية من سوريا، ما يعني التخلي عن الأكراد، حلفاء أمريكا في الحرب على داعش، والجنرال ماتيس يؤمن إيماناً تاماً بأهمية حماية الحلفاء وعدم التخلي عنهم، ولا أظن ترمب كان مدركاً لعواقب رحيل الجنرال، الذي كان يضفي ثقلاً معتبراً على إدارته، التي تعاني شتى أصناف الهجوم من خصومه الديمقراطيين ومن الإعلام، فقد كان الجنرال ماتيس دوماً مصدراً للثقة، وساعده في ذلك هدوءه ورزانته وخبرته العسكرية الطويلة، وقد استغل خصوم ترمب حادثة الإقالة لمواصلة الضغط، وتأكيد الاتهامات، التي تقول إنه لا يقيم وزناً للمستشارين ولا للجنرالات.
أما أكبر التحديات أمام ترمب فهو عزم مجلس النواب ملاحقته بشأن سجله الضريبي، فقد جرت العادة أن يقدِّم المرشح الرئاسي هذه المعلومات، وعدم تقديمها يجلب الشك حول التعاملات المالية المشبوهة، والتهرّب الضريبي، وما يتبع ذلك مما قد يكون أعظم، وكان مفاجئاً أن ترمب فاز بالرئاسة، رغم رفضه الكشف عن سجله الضريبي، فهذا أمر في غاية الأهمية بالنسبة للشعب الأمريكي، ولعل سبب ذلك هو أن جمهور ترمب كان سيصوِّت له تحت أي ظرف، نكاية بالمؤسسة الرسمية، أو الدولة العميقة، التي عانى من سياساتها طويلاً، والخبر المقلق لترمب هو أن مجلس النواب الآن بأغلبيته الديمقراطية، يملك السلطة لإجبار الرئيس على تقديم سجله الضريبي، وستكون هذه المواجهة أمراً في غاية التشويق، لأن ترمب عنيد ومحارب صلب، ولكنه سيكون في مواجهة القانون، ولن يحميه منصب الرئاسة هذه المرة، فلنتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، فعام 2019 سيكون عاماً حافلاً بكل تأكيد!