محمد آل الشيخ
كان القطريون يأملون من قضية خاشقجي أن تكون لهم بمثابة الثقب الذي يخرجون منه من ورطتهم التي تشكل بالنسبة لهم (خنّاقة) تزداد ضيقًا على أعناقهم مع مرور الزمن، فما أن لاحت في الأفق قضية مقتل خاشقجي حتى اقتنصوها على أمل أن تكون تداعياتها مخرجًا لهم من مأزقهم. الآن انتهى مسار القضية مثل أي قضية إجرامية أخرى، وتولى القضاء السعودي التعامل معها، وما زالت دويلة قطر تعاني من هذه المقاطعة، ولم يتحقق ما كانوا يأملون منها.
الذي ربما لا يدركه أهل قطر أن عودتهم إلى العمق الخليجي في ظل قيادتهم الحالية مستحيل، لأن هؤلاء القادة لعبوا أدوارًا في منتهى الخطورة على مدى عشرين سنة، منذ انقلاب الأب على أبيه، في البداية أحسنّا الظن بهم، وتسامحنا معهم، على أمل أن يستفيدوا من أخطائهم المؤذية التي أوصلتهم إلى ما هم فيه الآن، لكنهم عادوا كما كانوا، غير آبهين بردود أفعالنا، الأمر الذي يشير بمنتهى الوضوح إلى أن لديهم أجندة تخريبية في المنطقة ينفذونها، مثل تلك الأجندات التي نفذوها عندما تبنوا في رابعة النهار تخريب الدول العربية، فيما كانوا يسمونه (الربيع العربي).
أعلم يقيناً، ومن مصادر في الداخل القطري، أن أغلبية أهل قطر الأصليين، وليس المجنسين، يتساءلون: ماذا نستفيد من زعزعة أمن جيراننا، وهم عمقنا الجغرافي والديمغرافي، الأمر الذي جعل القطري منبوذًا مكروهًا أينما حل وارتحل؟.. فلا يجدون لتساؤلاتهم مجيبًا، لأن من افتعلوا هذا الإيذاء لا يجدون لتدخلاتهم المثبتة بالصوت والصورة أي مبرر سياسي أو أمني، فليس ثمة إلا الحقد الذي يكنه الأمير الأب على الدول الأربع، وفي السياسة وتعاملاتها لا يمكن أن يكون الحقد مبررًا للتضحية بمصالح الدول.
العنتريات والصمود والتحدي والمكابرة تستنزف قطر، وسوف تستنزفها أكثر وأكثر مع مرور الوقت، لا سيما وأن هناك إجماعًا من الدول الأربع على المقاطعة، ولدى قطر استحقاقات مستقبلية لا يمكن أن تؤهلها عمليًّا للاستمرار في تحمل تبعات هذه المقاطعة، أهمها على الإطلاق تنظيمها لأولمبياد عام 2022 القادم، وقد بدأت الفيفا تحاول أن تجد حلولاً لمعضلة قطر من خلال إقامة بعض مباريات البطولة خارج الجغرافيا القطرية، لكن هذه المحاولات تصطدم بالفشل، بإصرار مقاطعي قطر من دول الجوار على عدم التجاوب، لأن ذلك يعني ضمنًا رفع المقاطعة دون أن تفي قطر بالشروط الثلاثة عشر. ويتساءل القطريون: إذا كان النظام الحاكم في قطر يعلم منذ البداية أنه مضطر للتعاون مع دول الجوار الخليجي، فلماذا يضعون أنفسهم في هذا المأزق؟
من كل ما تقدم نستطيع أن نقطع جازمين أن نظام الحمدين تنتظره تحديات جمة، ومعقدة، لا يمكن بحال من الأحوال التعامل معها بإيجابية إلا إذا أذعن لشروط دول المقاطعة.
إلى اللقاء