د. جاسر الحربش
المفهوم المنطقي لتمكين المرأة هو استغلال قدراتها العقلية والبيولوجية ومشاركاتها التنموية بحيث تحصل على حصة النصف من المردود العلمي والاقتصادي والوظيفي ويبقى النصف الآخر للرجل. لكن ذلك لا يعني أن يزاحم الرجل المرأة فيما هي قادرة عليه بدنياً وبيولوجياً، وألا تنافس المرأة الرجل فيما هي غير صالحة له بدنياً وبيولوجياً. المرأة والرجل متساويان في القدرات العقلية ولكنهما بالتأكيد مختلفان في القدرات البدنية والخصوصيات البيولوجية، وذلك مما يجب اعتباره في مسألة التمكين للطرفين.
من الإيجابيات في صالح المكون النسائي أن المرأة تتمتع بحس أرهف من الرجل للعدالة والتعاطف وتوق أكبر للاستقرار العائلي ونفور أصدق عن العنف الجسدي والنفسي وتلك استحقاقات فسيولوجية نفسية تنطبق على الأغلبية الأنثوية ولكل قاعدة شواذ.
من نطاق الضعف في ميزان القدرات التمكينية للمرأة أو ما يسمى حالياً «تمكين المرأة» دورتها البيولوجية واختصاصها دون الرجل للحمل والرضاعة وحذرها الغريزي من المغامرات العنيفة والصراعات المميتة لأهداف استحواذيه أو وجاهية أو حتى لأسباب جنسية متوحشة تبحث دائماً عن المزيد كبرهان على الفحولة.
دعونا من العصور الماضية ولننظر في العصر الحديث. كلما شبت حرب أهلية في أي مكان من العالم يقتل الرجال الرجال ويأخذون النساء غنائم حرب أو ما يسمى في العالم الإسلامي سبايا حروب. هذا هو بالضبط ما فعلته جيوش الحلفاء بالألمانيات (أكثر من مليوني طفل اغتصاب) والجيش الفرنسي في حرب التحرير الجزائرية والجيش الأمريكي في فيتنام والعراق وما فعلته العصابات المسلحة وجنود الأمم المتحدة في الدول الإفريقية، وأخيراً ما فعلته داعش والحشد الشعبي وشبيحة بشار في جبل سنجار والموصل والأنبار وشمال وشرق سوريا. الحاصل الآن في العراق وسوريا هو ارتفاع أعداد الأرامل والمنتهكات إلى أرقام تتحرج المجتمعات المصابة من التعرض لها بالإحصاء العددي والمناطقي والعائلي.
من هذه الخصوصيات نستطيع القول إن المرأة تتمتع بكل المقومات المطلوبة لتكون عالمة وسياسية وإدارية ووزيرة وطبيبة وممرضة ومهندسة ومعلمة وأستاذة جماعية وبائعة في السوق العام وفي كل المهن المدنية التي تتطلب قدرات عقلية وإدارية ويدوية لا علاقة لها بالتعرض للأخطار الأخلاقية والمشوهة والمميتة.
ما الذي يتبقى إذاً من المهن التي لا تصلح أو لا تناسب المكون الأنثوي في المجتمعات حتى وإن تحملت المجتمعات الغربية سلبياتها لأسباب انتخابية ودعائية وحركات حقوقية تدافع حتى عن المثلية الجنسية، رغم الدراسات والإحصاءات التي تبين أن ما يتم الإعلان عنه من حالات التحرش والاغتصاب لا يزيد عن القمة من جبل الثلج المغمور أكثره بالمياه.
هل تملك المرأة من مكونها البيولوجي والنفسي أن تصبح عسكرية ميدانية تنام في الثكنات وتستحم في المغاسل المفتوحة وتحارب على الجبهات وتلتصق في الخنادق بالجنود البعيدين عن نسائهم لشهور وأن تقع أسيرة للعدو كأحد احتمالات الحروب ؟. وهل تصلح المرأة لتكون مضيفة طيران تتنقل بين المطارات والدول والفنادق لتؤدي وظيفة الترفيه الغذائي والمعنوي لمختلف العقليات غير المتجانسة ؟. التحجج بأن دول العالم الأخرى قبلت هذه المهنة لا يعني أن نتجاهل نحن وضع مضيفة الطيران في الفنادق والمطارات وما يتناقل عنها من الإشاعات التي يختلط فيها الباطل بالصحيح.
ثم وأخيراً ما هي فرصة عثور امرأة تمتهن إحدى هذه الأعمال في الحصول على زواج مستقر، ومن هو الزوج الذي سوف يفضلها من بين الخيارات المتوفرة في البيوت التي تفيض ببنات ينتظرن النصيب؟.