خالد بن حمد المالك
يتميز وزير خارجية قطر السابق الشيخ حمد بن جاسم بإجادته للرقص على حبال الأكاذيب، وقدرته على حيل الافتراء، وممارسة كل المتناقضات، ومحاولة الهروب بجلده عن أي إضرار تلحق به المسؤولية عن كل جريمة كان طرفًا مشاركًا فيها.
* *
فهو يرى أن التسجيلات بصوته في التآمر على المملكة وملكها السابق لا قيمة لها، وأنه يمكن الرد عليها، لكنه لا يرد، كونه متورطًا ومدانًا، وليس لديه القدرة على نفي ما لا يُنفى، وتكذيب ما هو ثابت وموثق، ومع ذلك فهو لا يخجل من التذكير بها، وإعطاء تجاهلًا عن أي سؤال عليه أن يجيب عنه.
* *
وشيخنا حمد، يتحول إلى ذاكرة جيدة، فيروي لنا ما لا يقبل به عاقل أو يصدقه، حين يتحدث عن المزاج الخليجي إثر مقاطعة قطر، فيرى أن النوايا تحتاج إلى سنوات لإعادة الثقة، بعد أن تم استخدام لغة إعلامية منحطة في إدارة هذه الأزمة، مع أن هذه اللغة المنحطة كما - أسماها - لا يجيدها غير قناة الجزيرة وتوجيهات الشيخ حمد نفسه لها.
* *
ومن تداعيات مقاطعة قطر، أنها طالت - كما تقول ذاكرة الشيخ - الرموز والمحرمات، النساء والرجال، الأحياء والأموات، متجاهلاً أن قناة الجزيرة هي المدرسة التي لا منافس لها في برامجها الكريهة، وأن الشيخ - لا غيره - في مقابلته (مدفوعة الثمن) مع القناة الروسية التي نكتب هذا المقال عنها، لم يترك في لقائه فرصة إلا وتحدث بإسفاف عن بعض الرموز التي أشار إليها.
* *
وصلات القربى، والعلاقات الأخوية، والانتماء الخليجي، استخدمها الشيخ حمد في لقائه المتلفز، ضمن التباكي المفتعل على ما قال إن مجلس التعاون قد هُدم، بعد أن كان كياناً يمثل مظلة لقوة دوله اقتصاديًا وسياسيًا، وزاد على ذلك بالقول إن هناك عداء قبليًا وقصصًا جديدة إثر هذه الأزمة، دون أن يضع قطر سبباً فيها ومسؤولة عنها.
* *
والغريب أن الشيخ حمد يذكِّرنا، بينما كان عليه أن يُذكِّر نفسه بأن هناك قوة استيعاب، وذاكرة عند المواطن العربي والخليجي، وأدوات لاستعادة الذاكرة، ولو كان شيخنا يدرك هذا لما قال إن قطر - بعدما أسماه محاصرة - هي الآن أقوى مما كانت عليه قبل الحصار، رغم التكاليف المالية الباهظة التي تتحملها.
* *
يدعي الشيخ حمد في لقائه أن المواطن القطري شريك في القرار، وأن القيادة القطرية لم تكن بمعزل عن الشعب حين أريد لها أن تُعزل، لأن الشعب - بحسب وصفه - جزء من القيادة، وهذا ادعاء ساذج، ومحاولة لذر الرماد في العيون، وإلا لو كان هذا صحيحاً لما سمح المواطن القطري بأن تُعزل قطر عن محيطها الخليجي، ويكون لها هذا التعاون المشبوه مع إسرائيل وإيران.
* *
لقد كان الشيخ في موقفه من الأسئلة والإجابة عنها مرتبكاً، ومتناقضاً، وما بين جواب وجواب كان يدين نفسه، ويعترف بأن مالاً قطرياً كبيرًا تستفيد منه دول وشركات وحتى أفراد لاستثمار الأزمة وتداعياتها، وإن حاول أن يربط بقية دول الخليج الثلاث بمعاناة قطر وانفاقها مالياً على تحسين صورتها، وهو في هذا لم يعط للمشاهد أي دليل إلا إذا كان يرى أن العقود وهي موجودة قبل الأزمة دليله على ذلك.
يتبع..