رجاء العتيبي
كيف يمكن لنا إيجاد صيغ قانونية تحفظ حقوق (المتعاقدين) في مجال الثقافة والفنون والترفيه؟ هل هذا ممكن؟ في ظل المشكلات المعقدة التي تحصل عادة بين طرفي العمل، مشكلات لاحصر لها، حقوق ضاعت، أعمال كثيرة تتم بدون عقد عمل، عقود عمل مجحفة في حق الطرف الثاني، عقود إذعان، لدرجة أن كثيرا من الأعمال لا تتم إلا وفقا للثقة التي يبديها الطرفان لبعض، ولم تعد العقود ذات أهمية في حفظ الحقوق لغياب ردع الطرف المخالف.
من يحاسب جهة العمل على مخالفتها لبنود العقد؟ من يضع لهم التنظيم القانوني؟ من يعمل على توعية كل الأطراف بأهمية العقد؟ من يضع نماذج لعقود مرنة قابلة للتعديل حسب نوع الخدمة المتفق عليها؟ هل هي الجهات المعنية بالثقافة والفنون والترفيه؟ أم أن هذه الجهات لا علاقة لها لا من بعيد ولا من قريب بالاتفاقيات التي تحصل بين الأطراف؟ ولا بصياغتها؟ كما هو حاصل الآن.
هل يمكن أن تضع المؤسسات الثقافية والفنية والترفيهية معيارا يحاسب المتعهد في حال أخل بعقوده مع الأطراف الأخرى؟ ليس قضائيا، ولكن استبعاده من التعميدات اللاحقة في حال صدر في حقه حكم قضائي من المحكمة, أهمية هذا السؤال تتركز - واقعيا - أن هناك جهات عمل تخل بعقودها مع الآخرين, وتضع بنودا تحميها من أي مساءلة, في حين الطرف الثاني يتحمل الجزاءات وحده في حال أخل ببند معين, أليس هذا عقد إذعان لا يقره القضاء بتاتا؟
أحيانا يصدر ضد المتعهد أحكام قضائية في المحكمة في مخالفته لبنود العقد أو يشهر شخصا ما أو جهة ما بمخالفتها للعقود وأكلها حقوق الطرف الثاني, ومع ذلك نرى المؤسسات الثقافية والفنية والترفيهية لا تتخذ موقفا من هذا الشخص أو هذه الجهة؟ أحيانا نرى جهات تعمل (بدون عقود) ولا تحرص على إبرام أي اتفاقية مع أي طرف, بهدف التنصل من الالتزامات في وقت احتاج أن يتراجع عن اتفاقياته الشفهية.
بالطبع لن تكون المؤسسات الثقافية والفنية الترفيهية جهات (قضائية) ولكن يمكن أن تكون جهات (تصادق) على العقود وتؤكد الاتفاقية بين الطرفين بهدف حفظ حقوقهما في حال نشب نزاع بينهما وتقاضيا لدى المحاكم المعنية بهذا الأمر.
ليس من مصلحة الجهات العليا (المؤسسات الثقافية والفنية الترفيهية) ترك الحال كما هو عليه, ليس من مصلحتها التهرب من مشكلات العقود, ليس من مصلحتها أن تكون بيئات العمل (غير آمنة) ليس من مصلحتها أن تغض الطرف عن الجهات التي لا تحفظ حقوق الآخرين, لأن ترك هذا الأمر وشأنه, يؤثر على المنتج النهائي للثقافة والفنون والترفيه, يجعل رجال الأعمال المستثمرين يفكرون ألف مرة في دخول مجال غير آمن قانونيا, ومن حقهم ذلك إذا عرفنا أن رأس المال (جبان) لا يقدم على شيء إلا إذا عرف أنه آمن قانونيا.
البيئات الفوضوية تفسد الأعمال وتنشر طاقة سلبية من التوتر والقلق والمعاناة والخوف.