فضل بن سعد البوعينين
بدأت البنوك السعودية في استشعار مخاطر المنافسة القادمة بعد فتح السوق المصرفية للبنوك الأجنبية، والإعداد لمرحلة مهمة من مراحل التنمية التي تحتاج إلى وجود مصارف ضخمة قادرة على توفير متطلبات التمويل المتنامي في ظل برامج ومشروعات رؤية المملكة 2030. إنشاء مصارف ضخمة قادرة على المنافسة الخارجية كان ضمن أهداف سمو ولي عهد الأمير محمد بن سلمان، وهو هدف لم يقتصر على القطاع المصرفي فحسب، بل على شركات الإنتاج عمومًا. قد يكون ما يحدث من اندماجات المصارف ترجمة حقيقية لذلك الهدف المشروع، إضافة إلى رغبة البنوك السعودية في تعزيز قدرتها التنافسية، وتحسين كفاءتها التشغيلية، وتعظيم الربحية. الاندماجات المرتقبة ستقلص من عدد البنوك في السوق المصرفية السعودية التي تحتاج إلى مضاعفة العدد الحالي من البنوك لا تقليصها. قد تختلف وجهات النظر حيال جدوى الاندماج في سوق تعاني من احتكار القلة، إلا أنها ربما اتفقت على أهمية التوسع في إنشاء مزيد من المصارف.
سينتج من اندماج المصارف إغلاق عدد من الفروع، وتسريح موظفين تحت ضغط إعادة الهيكلة وتحقيق كفاءة التشغيل، وهو أمر واقع لا محالة، إضافة إلى الإخلال المتوقع في التنافسية وشمولية الخدمة المصرفية التي تسعى مؤسسة النقد إلى تحقيقها. لذا يفترض أن تكون لدينا خطط واضحة لمواجهة تلك التحديات، ومعالجتها بطرق احترافية، تحقق نجاح الاندماجات المصرفية من جهة، وتعمل على حماية الموظفين والسوق من أي تبعات سلبية؛ لذا أرجو أن يكون هناك توجُّه موازٍ، يعمل على إنشاء مصارف جديدة قادرة على استيعاب مزيد من الموظفين، وتلبية الطلب على الخدمات المصرفية، وخلق بيئة حاضنة لتحقيق استراتيجية «الشمول المالي»، إضافة إلى تعزيز قدرات القطاع المصرفي بإضافة مصارف قادرة على التمويل، وتحفيز القطاع الخاص، ودعم الاقتصاد الوطني.
إنشاء بنوك متخصصة أحد أهم متطلبات الاقتصاد، إضافة إلى النظر في تحويل صناديق التنمية الحكومية إلى بنوك متخصصة قادرة على المشاركة الفاعلة في التنمية ودعم السوق المصرفية في آن. يحسب لمؤسسة النقد العربي السعودي نشرها النسخة المحدثة من الإرشادات والمعايير الأساسية لطلب منح ترخيص مزاولة الأعمال المصرفية، والترحيب بالراغبين في إنشاء مصارف جديدة، غير أن إنشاء مصارف كفؤة في حاجة إلى دور حكومي داعم. ففتح الباب للمستثمرين، وتحديث التشريعات ونشرها، وربما تسهيل الإجراءات، لن تكون كافية لخلق كيانات مصرفية جديدة، بل تحتاج إلى دعم حكومي كما حدث في إنشاء مصرف الإنماء؛ لذا أقترح أن يقوم صندوق الاستثمارات العامة بدور القائد لتأسيس كيانات مصرفية جديدة، والشراكة مع مؤسسات حكومية قادرة على تأسيس المصارف، كالتأمينات والتقاعد على سبيل المثال لا الحصر، وأن ينظر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في تحويل بعض صناديق التنمية الحكومية إلى بنوك متخصصة، تدعم الاقتصاد الوطني والسوق المصرفية التي تحتاج إلى مزيد من البنوك الكفؤة لتعويض الفاقد من القطاع.