د. صيتة بنت فهد الغبين
(لن ننظر إلى ما فقدنا أو نفقده بالأمس أو اليوم، بل علينا دومًا أن نتوجه نحو الأمام)، بهذه العبارة التي تختصر الكثير وتحمل الكثير كانت بوابة العبور إلى برنامج (سند محمد بن سلمان)، عبارة توقفت عندها كثيرًا وتساءلت ما الذي فقدناه بالأمس واليوم وما الذي نحتاجه حتى ننطلق بقوة إلى الغد المشرق الذي تسعى فيه الدولة لتكون سندًا لهذا المجتمع وأبنائه، سندًا يحمي فئات المجتمع وشرائحه المختلفة من عديد من العوامل الموجودة أو تلك المتوقعة.
لقد أثبتت الأحداث المتتالية في السنوات الأخيرة مدى قوة تلاحم المواطن مع قيادته ومدى حرصه على عدم تفكيك وحدة وطنه، وإن ظهرت بعض الحالات المخالفة فهي تظل حالات شاذة لا تمثل حقيقة رغبة أبناء هذا المجتمع بالالتفاف حول وطنهم ودعمه والمضي به قدمًا نحو مستقبل قوي مزدهر يحقق تطلعاتهم، وها قد جاءت هذه المبادرة من القيادة لتبعث رسالة مفادها أن الوطن وقادته يقف مع أبنائه المخلصين، وأن الوطن هو الملاذ الحقيقي والسند الذي يتفيئون ظلاله وهو الحضن الذي لن يجدوا مكانًا أكثر دفئًا منه.
هذه المبادرة تهدف إلى تكوين رابطة مجتمعية قوية لمختلف الفئات ذات الاحتياجات المتباينة في المجتمع، وتتنوع بين الدعم المادي والدعم المعنوي، وكانت أولى الفئات التي تم استهدافها هم المقدمون على الزواج الذي هو نواة المجتمع فحين يتم دعمه ودعم مؤسسة الأسرة فإننا هنا نكون قد أسسنا لمجتمع يبنى على أسس صحيحة وقوية، فإنحلال عقد مؤسسة الزواج وتفككه نتيجة لضغوطات اقتصادية قد يعاني منها الشباب سيخلق مجتمعات لا تقدر قيمة الأسرة وترابطها الذي هو أساس ترابط المجتمع، لذلك فإني أقف احترامًا لمن سعى أن تكون أولى المبادرات تتعلق بهذا الجانب.
ومن مؤسسة الزواج والأسرة التي كما ذكرنا هي الأساس تخرج لدينا فئات مجتمعية أخرى تحتاج المساندة الحقيقية والدعم الذي لم تبخل به دولتنا سابقًا وسيعزز بإذن الله في المرحلة القادمة، هذه الفئات لديها احتياجات تختلف ما بين المادي والمعنوي والمجتمعي وكذلك المراحل العمرية، فإذا حاولنا حصر هذه الفئات وفقًا للمرحلة العمرية فسنجد لدينا أن المجتمع وببساطة ينقسم إلى الأطفال والشباب والمسنين، وتحت كل فئة عمرية تندرج عدد من الفئات ذات الاحتياجات التي تتطلب دعمها بالمبادرات الفعالة الجدية وفق أطر ثابتة وآليات حديثة تمكنها من الاستمرار والتطور وتحقيق الأهداف التي وضعها مؤسس البرنامج ولي العهد حفظه الله، فعلى سبيل المثال الأطفال نجد أن هنالك فئات هي بحاجة ماسة لأن تنطلق المبادرات في اتجاهها، كالأطفال المصابين بالأمراض المزمنة مثل السكري والأنيميا المنجلية والاضطرابات السلوكية كصعوبات التعلم والتوحد وفرط الحركة وغيرها الكثير مما لا يسعنا المجال لذكره، هذه الفئات من الأطفال وأسرهم بحاجة لدعم مجتمعي برامجي مؤسسي يمكنهم من تجاوز الصعوبات التي يواجهونها كل يوم، فانطلاق مبادرات فعالة وبرامج غير ربحية تهدف إلى تقديم العون لهم سيحقق نوعًا من التوازن لهم وللمجتمع الذين يشكلون ركيزة مهمة فيه، فهؤلاء الأطفال هم جزء من المستقبل وشركاء فيه.
من جهة أخرى الشباب والمراهقون بشكل خاص منهم هم بحاجة إلى مبادرات فكرية تحميهم من الغزو الإعلامي السلبي والرخيص الذي يسعى لتحويلهم إلى معاول هدم لهذا المجتمع بقتل الشخصية الفعالة وروح الطموح لديهم وخلق جيل استهلاكي أناني ناقم على مجتمعه بلا أهداف حقيقية له يرى المستقبل بمنظار معتم ما لم تتحقق كل رغباته أو نزواته، يرى أنه هو مركز الكون وأن الحياة يجب أن تسخر له فقط، وتصدير الإعلام لنماذج تافهة كقدوة لهؤلاء الصغار. إضافة إلى بعض المواد الإعلامية التي تسعى لإيقاظ الطائفية والعنصرية والقبلية التي نتجت عنها بعض الحوادث المؤسفة مؤخرًا. هذه الفئة العمرية بحاجة إلى برامج غير نمطية تهدف إلى إعادة صياغة الفكر الشبابي الإيجابي وإعادة تعزيز القيم وخلق الثقة مجددًا ما بين الشاب والشابة ومجتمعهم وتعزيز مفهوم احترام مؤسسات الدولة والقانون والنظام لديهم من خلال مبادرات يشرف عليها المتخصصون والمهتمون بصناعة جيل قوي محصن فكريًا ضد كل التيارات المختلفة سياستها والمتحدة أهدافها ضد وطننا.
وحيث إن من عادة وطننا وقادتنا الوفاء ورد الإحسان بالإحسان، فإن آباءنا المسنين والمتقاعدين هم فئة دعمها وإكرامها وعدم تجاهلها هو أقل ما يمكن أن نقدمه لهم، فأتمنى لو تنطلق مبادرات لإعادة إشراكهم في العملية التنموية الاقتصادية والثقافية التي تعود عليهم بمردود معنوي ومادي يستحقونه والاستفادة من خبراتهم لصنع نسيج متناسق من الأجيال المختلفة يسهم في صناعة مستقبل هذا الوطن العظيم وبشراكة جميع أبنائه.
كثيرة هي المبادرات والأفكار التي لا يسعنا ذكرها في هذا المقال الذي شجعني على كتابته وطرحه هو يقيني التام بأن من وضع هذا البرنامج هدفه أن يكون المواطن شريكًا أساسيًا في رسم الطريق لبناء مستقبل مشرق بالنهضة التنموية التي تحقق أهداف رؤية البلاد في بناء مجتمع تتكاتف فيه كل الجهود لرعاية وسند شرائح المجتمع من خلال آليات وبرامج متطورة تحقق التنمية والازدهار وتحت ظل قيادة شابة طموحة تفتح ذراعيها للفرد والمجتمع لتخلق له شعورًا بالأمان يدفعه لصناعة أثر مستدام يمتد للأجيال القادمة.
** **
- أكاديمية سعودية