د. محمد عبدالله العوين
لا بد أن نجتهد في البحث عمن يدفع بعض أبنائنا وبناتنا إلى التمرد على دينهم وقيمهم ووطنهم وأخلاق مجتمعهم.
ليس من المقبول أن نسلم بالأمر ونعتقد أن ما حدث من نزق وطيش ليس إلا أثرا واحدا من آثار سلبية عدة ناتجة من شبكات التواصل وما يراق فيها من أفكار فيها الصالح والطالح وما يعترك داخلها من تيارات واتجاهات ومنظمات استخباراتية وتنظيمات إرهابية وشبكات دعارة وشذوذ ومخدرات وتجمعات إلحادية تنثر سمومها في الفضاء المفتوح ويساقط شررها في أفئدة بعض أبنائنا وبناتنا.
لا ينكر هذا الشر إلا غافل أو متغافل أو مغفل؛ لكن نقطة واحدة من النقاط التي سردتها هي الأبلغ ضررا؛ وهي « المنظمات الاستخباراتية « التي تستقطب وتكون الخلايا في كل اتجاه من تلك الاتجاهات التخريبية المذكورة ، وأشد تلك المفاسد قسوة على النفس والمجتمع ما خرج من المروق الذاتي عن الأخلاق الفاضلة إلى أدلجة ذلك المروق ومنحه رؤية ومنهجا؛ بحيث يكون أشبه بعقيدة تقاوم وتضاد الأديان السماوية.
وتتلخص صور التمرد المؤدلج في تبني خط المعارضة للدين وللخط السياسي وفق مذهب أو تيار فكري يعضد ذلك التمرد ويقيم له بنيانا ، وإن كان أوهى من بيت العنكبوت ، ولكنه قد يبدو للرائي أو الرائية المراهقة أقوى من هرم يمكن الصعود عليه لتجاوز أزمات الصدام مع الواقع الاجتماعي ، وهذا ما حدث ويحدث بالفعل ، فالنسويات المتمردات يجدن في خطاب « النسوية « القائم على فكرة « الجندر « المبنية على التضاد بين الذكورة والأنوثة أيدلوجيا يتكئن عليها ، وهو ما نهضت عليه الحركات النسوية الأوربية والأمريكية في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية ، وتصاعدت حتى بلغت أوج تأثيرها في الفكر النسوي المتمرد على سلطة الرجل في ثمانينيات القرن الميلادي الماضي.
ونسوياتنا السعوديات وصلت لهن الأفكار الجندرية متأخرة بعد اتساع نطاق تأثير الشبكة العنكبوتية؛ فرأى المتمردات نزع ولاية الرجل مدخلا إلى التمرد على القيم الدينية والأخلاقية ، وبلغ تأثير موجة التحرر من سلطة المجتمع ظهور دعوات نشاز تمثلت في إعلان عدد من الشبان المرهقين إلحادهم منساقين خلف دعوات المنظمات الاستخباراتية التي تعمل في شبكات الإنترنت بأسماء سعودية وعربية منحولة ومزيفة.
وإذا كنا قد آلمنا انحراف بعض شبابنا عن وسطية الإسلام ، وتمثل ذلك في شيوع فكر التكفير وما أشاعه ذلك الخروج عن الاعتدال إلى التطرف من تشويه للدين واستدعاء للمتربصين المنتظرين مثل تلك السلوكيات والمفهومات المتطرفة؛ فإننا نواجه اليوم حالة أخرى مناقضة تماما لحالة التكفير السابقة تلك بتيارات جديدة مناقضة ، وكأنها رد فعل للتطرف الخوارجي أو الداعشي.
رهف والنسويات ومن أعلن إلحاده بسطحية وبرود وسذاجة من الشبان المراهقين لا يمثلون استجابة عفوية لدعوات التمرد فحسب؛ فكما نشأت خلايا التكفير بأدوات استخباراتية تنشأ اليوم دعوات التمرد على الدين والدولة بالأدوات نفسها.
ويكفي دليلا سريعا وموحيا أن من استقبل المراهقة « رهف « في مطار « تورينتو « هي وزيرة الخارجية الكندية.