نوف بنت عبدالله الحسين
دائماً يكونون حولنا، نراهم بطريقة مبهمة، ربما نحاربهم، أو نتجاهلهم، وحين يغادرونا، نفتقد وهجهم، نتذكّر وجودهم وعطاءهم، ونبكي عليهم.
منيرة موصلي.. إرث حضاري وتشكيلي وثقافي، تعاطت مع مفهوم الفن كرسالة إنسانية متناغمة وأمنيات حالمة في زحمة الحياة عبر طقوس لونية وفلسفة تشكيلية رائدة ومميزة، لتصبح موصلي مدرسة مختلطة لمدارس كثيرة بنكهة موصلي.. تتجسّد في الأفكار والهدف والرسالة التي تحيك بها اللوحة، وتصيغ قصصاً مبهمة من تفاصيل لونية تجريدية، وكيف يتحول الجماد إلى فكرة حيّة، فتكونت بيئة خصبة من الأفكار الإبداعية التي تجسدت لتصبح هويّة موصلي ظاهرة ومتجلّية لكل من يرى أعمالها، لنكتشف غزارة الإنتاج الإبداعي طوال رحلتها في عالم الفن التشكيلي.
ومن هنا كان لزاماً علينا أن نعي وجودها بيننا، أن نفهم رسائلها، وندرس في مدارسها، أن نتذوق الفن من زاويتها، أن نقترب أكثر من عالمها، وأن نعرف كيف نحتفي بها في حياتها. وحتى تبقى (موصلي) بيننا، باركنا اسمها في وعلى إحدى دور العروض، ولكن، ماذا بعد دار منيرة موصلي، فهي ظاهرة بلا شك، مختفية تحت تراكمات إبداعية وألغاز تشكيلية، هي إرث يستحق توريثه لأولادنا وأحفادنا عبر تواجد أعمالها وأفكارها في احتفاء يليق بما قدمته، هي الإنسان الثري بقضايا الإنسان والداعم لها عبر لغة الخير والفن والجمال.
(موصلي) خلّدت فكرة الحياة، من خلال حياة تنبض بها لوحتها، فخفف علينا فقدها، رغم قسوة رحيلها على قلوبنا، لكنها ستظل باقية في الوجدان وستظل لوحاتها تحكي قصة الإنسان.