محمد آل الشيخ
اتفاقية احتلال تركيا لقطر المكتشفة مؤخرًا أصبحت حديث المجالس في كل البلاد العربية ناهيك عن الخليج وأهله، فالنظام القطري بذلك كان أول نظام حاكم في التاريخ - على حد علمي - يطلب من دولة أجنبية أن تحتله وتتولى حكم شعبه، ويمنحها من الامتيازات والصلاحيات والحصانة ما كان يفرضه المحتلون في الماضي على البلاد التي يستعمرونها. والسؤال الذي يفرضه هذا السياق المخجل: لماذا صمتت جماعة الإخوان المسلمين صمت القبور عن هذا الإجراء المخزي والخياني بكل ما تحمله الكلمة من معنى؟..
من يقرأ تاريخ هذه الجماعة المتأسلمة المسيسة منذ أن أنشأها حسن البنا في مصر سيجد أن ثمة علامات استفهام كثيرة تدور حول علاقة مؤسسها بالإنجليز، وهذه العلاقة المشبوهة أهم أسباب انتشارها منذ البداية في مصر كما يؤكد كثير من المصريين الذين عاصروا وتابعوا وكتبوا عن تاريخ هذه الجماعة منذ نشأتها؛ وتزداد الشكوك، وربما تتأكد بأنها دائمًا حركة عميلة مشبوهة، بعد دعم الأمريكيين في عهد الرئيس أوباما لهذه الجماعة لحكم مصر، ليتسنى لها حكم باقي أجزاء العالم العربي. ولو أن المجال يسمح لسقت هنا كثيرًا من الأدلة والشواهد التاريخية على ما أقول، ولعل أهمها على الإطلاق إيواء زعمائهم ومنظريهم ودعاتهم في الدول الغربية، رغم أن الساسة الغربيين يزعمون في خطاباتهم الرسمية المعلنة أنهم يكافحون الإرهاب، ويسعون لمحاصرته والقضاء عليه، ليبرز هنا السؤال الذي يبقى دونما إجابة مقنعة: إذا كنتم تحاربون الإرهاب، فلماذا إذًا تعطون لمصنع الإرهاب الأول، والجماعة الأم التي أفرزت كل الحركات الإرهابية كل هذا الدعم والمساندة، والملاذ الآمن لكبرائهم وأساطينهم، فضلاً عن استثماراتهم؟
اتفاقية قطر/ تركيا المذلة، والتي لا يمكن أن يقبلها من لديه ذرة شرف وإباء وأنفة، يُفسر لنا كُنه جماعة الإخوان على حقيقتها، ومراميها البعيدة، ويُثبت أن الجموع العربية التي تسيطر على أذهانها أدبيات تلك الجماعة هم جهلة وسذج، ولا يدركون ما وراء الأكمة من أجندات مشبوهة، تخدم مصالح الأجانب لا مصالح الشعوب.
كما أن صمت الإعلام القطري صمتًا مطبقًا عن الإشارة لهذه الاتفاقية بعد أن انكشفت، وانتقلت من (السرية) إلى العلن، يؤكد ما أقول؛ فليس لديهم ما يقولون، فوجدوا أن الصمت في هذه الحالة هو أفضل ما يواجهون به هذه الفضيحة المدوية، والتي لا يمكن أن تقبلها (حركة) تدعي في أدبياتها أنها تتخذ من القرآن دستورًا ومن الشريعة الغراء منهجًا.
ذر الرماد في العيون، والتدليس، ومحاولة إخفاء الفضائح، قد ينفع بعض الوقت لكنه قطعًا لن يبقى صالحًا إلى الابد. وفي تقديري أن الخيار الذي اعتمده الإعلام الإخونجي ومنصاته المنتشرة، هو البحث عن أي (قضية) أخرى، حتى لو اختلقوها، يُشغل بها الجماهير العربية، ويمتص بالتالي أثر هذه الفضيحة. وهنا يأتي دور الإعلام الوطني للدول التي تحارب هذه الحركة الفيروسية المدمرة، التي تناوئ هذه الجماعة، فيجب أن يتم إبقاء هذه الفضيحة حية أطول مدة ممكنة، والعمل على تكريسها في الأذهان، لا سيما وأن القطريين لن يظلوا ساكتين خانعين مستسلمين لانتهاك سيادتهم وكرامتهم واستقلالهم، فهم في نهاية الأمر عرب أقحاح، ومن أهم سمات العرب الأنفة وعدم الرضوخ للذلة والمهانة، إضافة إلى أن هذه الاتفاقية هي وصمة عار في تاريخ هذه الجماعة، سيكون لسكوتهم أبلغ الأثر في سمعتها لدى المواطن العربي وليس القطريين فقط.
إلى اللقاء