خلال خوضنا للنقاشات القصيرة وتبادل الأحاديث قد نواجه الكثير من الأشخاص الذين يعتقدون أنه من المهم جِدًا أن تقف بجانب رأيهم أو تتفق معهم بالكامل، بغض النظر عن ميولك أو تراكم أفكارك الحبيسة برأسك.لا يهدأ لهم بال حتى يتأكدوا بأنّ الجميع يتفق معهم و يصفق لرأيهم أيا كان.
هذا النوع من الأشخاص يمتاز بعقلية ثابتة ومبادئ غير مرنة، لا تعِي معنى اختلاف العقول والبيئات والثقافات وغيرها مما نُعايشه بواقعنا ونتعايش معه، ومؤكد أن الجميع قد اصْطدم بهؤلاء الأشخاص ولاسيما في المنصات الإلكترونية كـ تويتر
وغيره من البرامج. تنقلب حينها ساحة النقاش من حديث وِدّي إلى ساحة قِتال والبعض يصل به الحال إلى عدم الضبط الذاتي
والتلفظ بألفاظ سوقية، ويؤسفني أنني رأيت أشخاصًا مسؤولين وأشخاصًا ذا أهمية و رأي مسموع في المجتمع ومواقع التواصل أيضا فضلا عن آلاف المتابعين لحساباتهم،ولايتسم بأي سمة من سمات الحديث الجيد ولايتصف بآداب الحديث التي أوصى بها الدين الإسلامي، فينتهي به المطاف مع من خالفه الرأي بحجبه و قطع علاقة التواصل.
شخصيًا، أهُم بالنقد على هؤلاء ولاسيما أنه يملك العديد من المُتابعين بمختلف الفئات العمرية، بالرغم أن الجدير به أن يُصبح قدوة لهم بما أن الله تفضل عليه بهذا الكم من الناس.
طبيعة البشر مُختلفة حتى مع أنفسهم لذلك لا تتوقع أن يتفق معك أي أحد بما تنُص عليه أو تقوله، ولكن من المؤكد أنه يوجد أشخاص يشابهوننا فيما نعتقده ولا بُد أن يكون الاختلاف حاضرا في نقطة ما بيننا.
هُناك من يرى الأمور من زاوية مُعاكسة تمامًا للواقع كأن يقول: الشمسُ تشرق من الغرب، في هذه الحالة المطلوب هو»التوضيح والتصحيح» و إبداء الرأي تجاه ما قيل و ليس»التأكيد» حتى وإن كان الحدث طبيعيا و مؤكدا.
إن ما نسمعُه مما يُقال لنا يبقى فترة قصيرة بعقولنا يوجهنا إن كان صحيحًا أم خاطئًا، لكن الأمر هُنا مُقتصر على شخصية الفرد نفسه أهو ممن يُظهر تصديقه واستسلامه أوممن يُكابر ويرفض الاتفاق بهذا الشأن لألّا يُصبح هو الخاسر في هذا النقاش، بالرغم من اقتناعه وتصديقه للحقيقة المُخالفة لرأيه.
وهُنا يكمن اختلافنا الذي لا يُستحب فيه حتى المقارنة.
بعض النقاشات صلبة وعلينا أن نُظهر اللّين مع هؤلاء الأشخاص وإقامة الحجة القوية بأدب فصاحب الحُجة هو الأقدر على إقناع غيره بمعنى ليس إقناعا بقدر ما هو إثبات للرأي الصائب.
رغم أنني أؤمن بالاختلاف لكن من المُهم أيضا الوعي بشأن الأدب والرُقي في الحديث مع الصغير والكبير.
ويجب التحلي بالصبروالحِلم مع من ذكرتهم من هؤلاء الأشخاص، لأنهم قد يكونون من ضمن العائلة أوالأصدقاء أوحتى غُرباء لكنهم يختلفون معنا في المنطق وبما نعيه و نعتقده.
ذات مرة قرأت هذا الاقتباس وعلق بذاكرتي: «يرى الذئب أن ما يمارسه من افتراس طبيعي بل هو من أبسط حقوقه، بعكس ما تراه الفريسة في الافتراس من جريمة.. التواصل بـ منطقك ليس دائماً الحل السليم، أحياناً تحتاج للرد بمنطق خصمك حتى ولو بطعن مبادئك».
الأمرحقيقي أنك ترى اللون البرتقالي وغيرك ممن يعاني بضعف في النظريراه أصفر، لا يُمكنك القول بأنّه مُخطئ لأنه مُحق تمامًا وأخبرك بما يراه، لكن دع الأمور كما هي ولا تعتقد أن من يتناقشون يجب أن تُكتب عليهم الهزيمة أو النّصر بناء على ما يرونه ويعتقدونه! فالنقاشات في النهاية ليست حروبا. الموضوع أعمق من أن نتصوّره.
فجميعنا مُختلفون ولا نتشابه إلا في كوننا بشرًا.