د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
حلت المملكة العربية السعودية في الترتيب الخامس عالميًّا من حيث احتياطيات الغاز بنحو 325.1 تريليون قدم مكعبة قياسية بحصة 4.6 في المائة بعد روسيا وإيران وقطر فتركمانستان؛ وذلك بعد تضاعُف الاحتياطيات المثبتة من الغاز لدى المملكة بأكثر من 6 مرات خلال 57 عامًا؛ إذ ارتفع من 222.5 تريليون قدم مكعبة قياسية عام 2000 إلى الرقم الحالي في 2018، ومرتفعة بنسبة 15 في المائة عن مستويات عام 2010.
إنشاء شبكة غاز إقليمية بين المملكة ودولة الإمارات وسلطنة عمان نقلة نوعية في خريطة الغاز العالمية، وخصوصًا أن الغاز من موارد الوقود الأحفوري الأقل في الانبعاثات، التي تتمتع بمعدل نمو طلب عال، قد تصل إلى 50 في المائة السنوات القادمة بنحو 5 تريليونات متر مكعب بحلول عام 2035.
ومنذ تنفيذ الإصلاحات صاحبه اهتمام بترشيد الطاقة، وتغير واضح في السلوك؛ فالطلب على البنزين تراجع بنحو 8 في المائة في 2018 مقارنة بعام 2017، كما انخفض الطلب على الكهرباء، وهناك توقُّع أن ينخفض الاستهلاك المحلي من الطاقة بما يتراوح بين 1.5 مليون إلى مليونَي برميل من المكافئ النفطي بحلول عام 2030، فيما ستنمو حصة إنتاج الكهرباء من الغاز من نحو 50 في المائة إلى 70 في المائة تقريبًا الذي سيكون أعلى معدل بين دول مجموعة العشرين.
اتجهت المملكة نحو تأسيس شبكة غاز إقليمية من أجل أن تواكب التطورات الإقليمية والدولية؛ إذ أعلن سبعة وزراء نفط اعتزامهم إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF) بهدف تأسيس منظمة دولية مقرها دولة مصر، مع كل من قبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفلسطين، من أجل إنشاء سوق غاز إقليمية، تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب للأعضاء، وأن المنتدى سيكون مفتوحًا لانضمام دول أخرى أو منظمات إقليمية ودولية بصفة مراقبين.
أيضًا روسيا تسعى لتوسيع التعاون مع المملكة في قطاع الغاز في ظل إطلاق مشروع استثماري روسي - سعودي مشترك في الغاز بالمنطقة القطبية الشمالية، وهو تعاون بين أرامكو السعودية ونوفاتيك الروسية وصندوق الاستثمار الروسي. ولن يكون التعاون الروسي - السعودي فقط في التنقيب بالإقليم القطبي الروسي؛ إذ إن الشركات ستتعاون في خلق حالة من التوازن في السوق العالمية للغاز من حيث استقرار الأسعار والإمدادات والتنسيق اللوجستي والتحول والتطور التكنولوجي.
التعاون بين روسيا والمملكة في قطاع الغاز سيكون إلى جانب النفط أحد أهم أعمدة التعاون بين أكبر دولة في احتياطيات النفط (السعودية)، وأكبر دولة في احتياطيات الغاز (روسيا)، وخصوصًا أن أرامكو السعودية تتجه إلى التوسُّع في إنتاج الغاز في المستقبل القريب.
ومنذ زيارة الملك سلمان لروسيا في 2017 أُسس صندوق الاستثمار الروسي المباشر وأرامكو السعودية والهيئة العامة السعودية للاستثمار كمنصة استثمارية مشتركة بقيمة مليار دولار بهدف الاستثمار في قطاع الطاقة، وبشكل خاص في الغاز المسال.