عبدالواحد المشيقح
لعل البعض يرى بأن خروج المنتخب من كأس آسيا.. كان مشرفًا.. وأن مغادرة البطولة كان أمرًا غير متوقع.. قياسًا بما قدمه في البطولة.. وبالذات في لقاء اليابان.. حين ذهب أولئك للتغني بالاستحواذ في تلك المباراة.. والاستشهاد ببعض الفرص السانحة للتسجيل.. هذا فضلاً عن الفوز السهل في اللقاءين الأولين أمام كوريا ولبنان.. ولكن في الواقع أن هناك عديدًا من الأخطاء.. التي جعلت خروج منتخبنا أمرًا طبيعيًا ومتوقعًا..!
الاستحواذ الذي يتحدثون عنه.. كان نتيجة حماس فقط يظهر ويرجح كفة الأخضر.. وبعد زواله تتضح الأمور.. بخطوط مفككة.. وأداء غير منسجم.. وأخطاء بدائية.. وتحركات غير إيجابية.. ودون أن نملك نصف رأس حربة.. ولا أقول هدافًا يسجل من أنصاف الفرص.. والمؤسف حقًا.. إن تلك المشكلة ليست وليدة البطولة.. فنحن نعاني هذا الأمر من فترة طويلة.. والمدرب أكثر من مرة عبر عن افتقادنا للمهاجم لكنه أخفق في إيجاد الحل.. وليس المطلوب منه في يوم وليلة أن يصنع لنا هدافًا بقيمة ماجد وشايع وسامي وياسر أو حتى مالك معاذ.. لكنه أخفق في إيجاد الحلول البديلة.. وهو يرى بأم عينيه بأن كل محاولاتنا الهجومية.. في كافة المباريات التي أشرف فيها على الفريق.. لاتلد هدفًا إلا بعد عملية قيصرية..!
نقول.. إن بيتزي لم يستطع طوال الفترة الطويلة التي عمل بها من إيجاد الحلول البديلة.. كما أنه منح عددًا كبيرًا من اللاعبين الفرص تباعًا.. بينما تجاهل منح الفرصة للمهاجم مهند عسيري.. فهو اللاعب الوحيد الذي كنا نراه الأمل بأن يحل ولو جزء بسيط من تلك الإشكالية.. فعسيري لاعب هداف وكان أولى من غيره بمنحه ربع ما أخذه الآخرون من الفرص..!
وكل تلك الأمور يجب ألا تنسينا.. مهزلة استمرارية الدوري دون اللاعبين الدوليين.. كذلك إقامة دور الـ16 من مسابقة كأس الملك في نفس اليوم الذي نلعب فيه مع اليابان.. تلك أمور أسهمت بشكل أو بآخر بالتأثير على المنتخب.. فإذا تجاوزنا أنه ليس من المنطق ولا العدل لعب الأندية دون لاعبيها الدوليين.. فإننا لا يمكن أن نتجاوز العبث في لعب المنتخب وإقامة دور الـ16 في أهم وأغلى المسابقات السعودية في نفس اليوم.. فلاعبو المنتخب بشر.. معرضون شئنا أم أبينا للتأثر بما حولهم..!
إذا كنا نبحث عن تخطيط صحيح وصحي لمنتخب المستقبل.. علينا أن نعي حقيقة أهمية المرحلة المقبلة.. فالمرحلة تحتاج إلى نوعية جديدة من القدرات الفنية والإدارية.. ولا بد من معالجة كافة السلبيات التي نقع بها ونكررها دون الاستفادة من التجارب الماضية.. علينا أن نعي الدروس جيدًا.. ونصحح كافة أخطائنا.. وليس هناك فرصة أفضل من هذا التوقيت.. للتخطيط لبناء منتخب قوي.. ووضع البرامج المناسبة.. التي تكفل إعادة التوهج للأخضر.. أما إن كنا سنركن للمسكنات.. وسنتغنى بالاستحواذ الذي كان عليه منتخبنا أمام اليابان.. فإن ذلك لن يغير من الوضع شيئًا.. ولا يؤكل عيشًا ولا هم يحزنون.. بل سيزيد من مشاكل المنتخب وعلاته..!
عاشق التعاون..!
ليس هناك أدل وأصدق.. على محبة الجماهير لرموز ناديها.. إلا حين إعلان ذلك من الجماهير نفسها.. فشهادة تلك الجماهير.. ثمنها كبير وكبير جدًا.. فالجماهير لا تمنحها.. اعتباطًا.. ولا مجاملة.. فهي تمنحها لمن يستحقها.. وبالتأكيد لا يستحقها.. إلا من (ضحى) بوقته وجهده وماله.. من أجل ناديه.. وعضو المجلس التنفيذي بالتعاون عبدالعزيز الحميد.. حينما أعلن اعتذاره عن مواصلة العمل بناديه.. نال شهادة الحب والتقدير والثناء.. من خلال ردود فعل جماهير التعاون.. على خبر ابتعاده.. الذي أراه خسارة كبيرة ليس للتعاون فقط.. بل للرياضة بشكل عام..!
الحميد.. عمل مع زملائه في المجلس التنفيذي.. أعمالاً سيحفظها لهم المنصفون.. فقد أحدثوا أمور واضحة إداريًا وتنظيميًا.. وجاءوا بعديد من الشباب الطموح للعمل في النادي بكافة المجالات.. وفوق هذا وذاك فقد تحملوا لسنوات طويلة.. الجزء الأكبر من ميزانية النادي.. واستطاعوا بدعمهم.. وجهدهم.. ووقتهم.. وتضحياتهم.. وتخطيطهم.. مع مجلس الإدارة.. أن يتردد اسم ناديهم بكل إعجاب.. وأن تكون جماهير التعاون فخورة معتزة بناديها..!
ابتعاد شخصية مثل الحميد خسارة مؤلمة للتعاونيين.. فهم يدركون جيدًا.. ماذا قدم وماذا فعل؟.. ويعلمون حجم كل شيء عمله من أجل ناديهم.. ومن أجل أن يكون التعاون قويًا.. قادرًا على مجاراة كافة الأندية.. والتفوق عليها.. وتجاوز الطموحات الصغيرة بتجاوز هذا الفريق أو ذاك.. إلى مرحلة طموحات أكبر التي أثمرت أحدها للعب في بطولة آسيا.. بشكل مشرف..!
أجزم بأن الحميد حين أعلن الابتعاد.. فهو نتيجة ظروف خاصة به.. كما أجزم أيضًا بأنه حتى ولو ابتعد رسميًا.. فهو لن يبتعد عن خدمة نادية.. وسيظل كما هو داعمًا بالمال والرأي.. ولن يتوارى عن تقديم ما يستطيع للتعاون.. فهكذا هم العشاق.. لم نسمع عن عاشق يترك عشقه..!