خالد بن حمد المالك
في الحلقة الأولى من هذا المقال كنت ركزت فيه على طبيعة الدعوة التي وزعها الوزير الحمدان، وجاء اهتمامي بها كونها خرجتْ عن المألوف في الدعوات المماثلة، حيث إن الوزير وضع المدعوين على معرفة كاملة بطبيعة اللقاء قبل انعقاده، بخلاف ما هو معتاد في اللقاءات المماثلة. وفي هذه الحلقة وما بعدها سأبدأ في الحديث عن مجريات اللقاء الذي عُقد في أجواء الرياض الباردة، غير أن حرارة اللقاء، بمعلوماته وشجاعة الوزير في الإجابة عن الأسئلة، جعلت اللقاء يمتد إلى أكثر من ثلاث ساعات، دون أن يشعر الحضور بطبيعة ما كان عليه اللقاء من برودة قبل بداياته.
* *
في البداية تحدث الحمدان عن مراحل تطور نظام الخدمة المدنية، وحددها بثماني مراحل، أكد من خلالها أن صدور التعليمات الأساسية للدولة كانت في عام 1345 - 1347 حيث وُضعت شروط لشغل الوظيفة العامة للدولة بشكل مكتوب، والتركيز على النواحي السلوكية، والصفات الشخصية الحسية في اختيار شاغلي الوظيفة. وفي هذا التقديم التاريخي، تحدث الوزير عن أحداث وطريقة مأمور السجل قبل 93 عاماً، وعن صدور نظام المأمورين قبل 90 عاماً، وإنشاء ديوان الوظفين والتقاعد وإلحاقه بوزارة المالية قبل 76 عاماً، ثم استقلال الديوان وضمه لرئاسة مجلس الوزراء قبل 63 عاماً، ليتم بعد عام واحد فصل التقاعد عنه، ثم أُنشئ ديوان الخدمة المدنية ومجلس الخدمة المدنية قبل 43 عاماً، أما وزارة الخدمة المدنية فقد تم إنشاؤها قبل عشرين عاماً.
* *
هذا التسلسل المضغوط أو المختصر للمتغيِّرات في صلاحيات ومسميات وشروط الوظيفة الحكومية وتسميات الجهات المسؤولة عنها إلى أن أصبحت هناك وزارة معنية بتوظيف المواطنين، هي ما أراد أن يبدأ به الوزير مواجهة الإعلاميين في مبادرته بإجراء لقاء سنوي معهم، وكثير من هذه المعلومات الموثقة عن مراحل التطور والتحولات التي شهدته الوزارة لم يكن الحضور على علم به، مما عُدَّ لدى البعض ملح اللقاء، حيث إن المعلومات التي قدمها الوزير بهذا التوثيق الدقيق تظهر أن المملكة كانت دائماً في حركة عمل وتصحيح وتطوير لأجهزتها، بما يلبي طموحات المواطنين، ويستجيب لرغباتهم، ويجعل فرصهم في أخذ حقوقهم خاضعاً لميزان العدل والمساواة بين المواطنين، وفقاً للشروط والمتطلبات، وأن تكون الأفضلية في الوظيفة للأحق.
* *
ما إن تسلَّم الوزير الحمدان حقيبة الوزارة حتى بدأ - على ما يبدو - في العمل على نفض الغبار عن بعض الأنظمة القائمة، بمنهجية جديدة تعتمد على إستراتيجية تتوافق مع رؤية المملكة، والتزامات الوزارة وتطلعاتها المستقبلية، ولم تأت هذه الإستراتيجية وفق اجتهادات فردية، وإنما تمت صياغتها من خلال ورش عمل لتحليل واقع الوزارة، ومنظومة الخدمة المدنية، مستطلعة آراء العديد من أصحاب العلاقة، وصولاً إلى تقييم الوضع الراهن وإبراز التحديات والفجوات التي تستهدف التعامل معها، كما تحدث بذلك وزير الخدمة المدنية أمام الإعلاميين.
* *
وقد توسَّع الوزير، وهو يخاطب مستمعيه في إعطاء أدق التفاصيل عن تقييم الوضع الراهن في الوزارة، وتعريفه للمحددات الإستراتيجية، وبعد ذلك الإستراتيجية ذاتها، فعن تقييم الوضع الراهن أشار إلى الجهود الحالية، وقد أسماها المبادرات الحالية، وتلك الفجوات التي تدخل ضمن التحديات الكثيرة التي عانت منها الوزارة طويلاً، مما استدعى بالوزير الحالي، معتمداً على متطلبات الرؤية 2030 إلى إحداث هذه النقلة التنظيمية الكبيرة في الوزارة، بدءاً من تحليل تحديات قطاع الخدمة المدنية وعددها 18 تحدياً، وحلولها في الإستراتيجية، وقد أشار الوزير في حديثه إلى أن بعض هذه التحديات لها حلول قائمة مدرجة في إستراتيجية الوزارة، وعددها 13 تحدياً من أصل 18 تحدياً، معتبراً هذه في دائرة الجهود الحالية، وقال عن بقية التحديات الخمسة بأنها تحديات لها حلول مقترحة، وغير مدرجة في إستراتيجية الوزارة، وأسماها الوزير بالفجوات.
** **
(يتبع)