مقاطعة الخال والجدة بسبب الخلاف
* حصل بيني وبين جدتي وخالي خلاف؛ فقاطعتهما وقاطعاني، فهل عليَّ إثم بسبب قطعي لهما، رغم أنهما أمراني بمقاطعتهما، والبُعد عنهما؟ فأفتوني جزاكم الله خيرًا.
- قطيعة الرحم من عظائم الأمور، ومن كبائر الذنوب، وإذا حصل بينك وبين جدتك وخالك خلاف فالأصل أنه لا يحصل من الأساس، لكن إذا حصل وغلبك هواك وشيطانك فعليك أن تندم على ما بدر منك، وعليك أن تعزم على ألَّا تعود، وعليك أن تقلع فورًا، وتسعى في إرضاء جدتك وخالك، وتصلهما بأنواع الصلة حتى يتم الرضا عنك، وإلا فالإثم عظيم؛ لأن العقوق من كبائر الذنوب، وعليك أن تبادرهما ولو رفضا استقبالك ولو قطعاك؛ فإنه: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطِعَتْ رحمُه وصلها» [البخاري: 5991]. وهؤلاء من أقرب الناس إليك، الجَدة أُمٌّ، وعقوق الأمهات من الموبقات -نسأل الله العافية-.
* * *
اختيار سيارة ليشتريها المصرف ويبيعها على مَن اختارها بالتقسيط
* ما الحكم الشرعي في اختيار طالب التقسيط السيارةَ المناسبة له، ومن ثَمَّ يشتريها المصرف، ويُقسطها له شهريًّا مقابل ربح ثلاثة في المائة أو أقل أو أكثر بقليل؟
- طالب التقسيط هذا الذي يريد أن يشتري سيارة من جهةٍ، سواء كانت شركة أو مصرفًا أو فردًا، له أن يختار هذه السيارة إذا كان بحاجة إلى استعمالها، أو إلى بيعها والإفادة من قيمتها فيما يسمى بمسألة التَّوَرُّق. أما إن كان بحاجة هذه السيارة فهو الدَّيْن الذي ذكره الله -جل وعلا-، وهو حلال بالإجماع إذا كان بحاجة إلى السيارة، وإن كان بحاجة إلى قيمتها فهي مسألة التورُّق، وهي جائزة عند جماهير أهل العلم.
لكن يبقى النظر في كيفية العقد بينه وبين من أراد أن يستدين منه، ثم بعد ذلك لا بد أن يملك الطرف الأول -الذي هو المصرف- السيارةَ ملكًا تامًّا مستقرًّا، ولو ذهب مُريدُ هذه السيارة وعَيَّنَهَا بمجرد الوعد لا بعقد؛ لأن العقد لا يجوز إلا إذا تم مِلْكُهَا من قِبَل الدائن ملكًا تامًّا مستقرًّا، ويقبضها قبضًا شرعيًّا ويحوزها، ثم بعد ذلك يبيعها على مريد الدَّيْن (مريد السيارة)، ثم بعد ذلك يَقبضها قبضًا معتبرًا لمثلها، فإن كان مُريدًا لها يستعملها، هذا لا إشكال فيه، وإن كان مُريدًا لقيمتها يبيعها على طرفٍ ثالث غير مَنْ باعها عليه؛ لئلا تكون عِينَة، فإذا باعها على طرف ثالث فإنها هي مسألة التورُّق التي عامة أهل العلم على جوازها. وأما بالنسبة لمقدار الربح ثلاثة في المائة أو أقل أو أكثر فهذا لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-.
فعلى كل حال، لطالب التقسيط أن يختار السيارة بالوعد لا بالعقد، فإذا قال الدائن: لا مانع عندي، أي سيارة تريد؟ وقال له: أريد سيارة كذا وَذَكَرَ مواصفاتها ومكانها، ثم ذهب الدائن واشتراها ومَلَكَها ملكًا تامًّا مستقرًّا، بحيث لو تلفت كانت من ضمانه من غير أن يُلزم مُريد التقسيط بشيء بمجرد الوعد، فلا مانع من ذلك، ثم بعد ذلك إذا مَلَكَها ملكًا تامًّا مستقرًّا يُبرم العقد معه، ثم يقوم باستعمالها إن كان مُريدًا لاستعمالها، أو ببيعها على طرف ثالث غير الطرف الأول إذا كان مُريدًا لقيمتها.
** **
يجيب عنها: الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء