هالة الناصر
شكل إعلان هيئة الترفيه بالسماح لجميع المطاعم والمقاهي في المملكة بإقامة فعاليات فنية وإصدارها تصاريح لإقامة عروض حية للموسيقى والغناء، جزء من التطور الاجتماعي والثقافي الذي تحياه المملكة في هذه الفترة الحساسة من حاضرنا، كما شكل الجدال حوله ظاهرة صحية مقبولة تظهر إمكانية الاختلاف والقبول وقول الرأي بحرية طالما لم يخرج الحوار عن إطار الضوابط والاحترام المتبادل. إن بلادنا استطاعت أن تخطو خلال العامين الماضيين خطوات واسعة وجريئة على طريق التغيير والتطور الثقافي والاجتماعي، خاصة في المجالات الفنية التي كان المجتمع السعودي بعيد عنها لسنوات، وهي خطوات كانت تحكمها ظروف عدة، أي أنها كانت آتية حتما ولكن توقيتها هو الذي تأخر بسبب الظروف وطبيعة أولويات كل مرحلة. إن ابتعادنا عن الفنون لفترات طويلة، وضعنا في صورة ذهنية معينة على المستوى العالمي، وكان ينظر إليها بأنها تحارب الفنون أو أنها على أقل تقدير ترفضها ولا تقبلها، وهي نظرة قاصرة تخالف الحاضر والماضي، فشبه الجزيرة العربية كانت منبعا للفنون على مر التاريخ، وهناك ألوان فنية مختلفة نراها في تراثنا نشأت وازدهرت في المملكة، إلا أن اعتبارات عدة جعلتنا نهمل تراثنا ونتجاهله بالرغم من قيمته الاستثنائية.
والآن، جاء دورنا نحن أبناء هذا الجيل، كي نضيف إلى تراثنا الفني لمستنا الخاصة، أن نترك الشباب يبدعون ويخرجون طاقاتهم الفنية والإبداعية، للارتقاء بالذوق العام والثقافة. وظني أن قرار هيئة الترفيه كان موفقا إلى درجة كبيرة وجاء في توقيت نحتاجه فيه بشدة، خاصة وأننا نسعى لتنفيذ خطة طموحة وكبيرة لتغيير مصادر دخلنا بعيدا عن النفط، ونركز على السياحة كمصدر بديل وجديد لهذا الدخل، ولا يمكن فصل السياحة عن الترفيه والفنون والإبداع، فهما متلازمان، ولن تصلح أي خطة تستهدف السياحة تتجاهل الفن في الوقت ذاته. وأقول للمعارضين لهذا القرار، إنه غير إلزامي ولا يجبر المطاعم على إقامة مثل هذه الحفلات، فالرافض سيجد مطاعم لن يكون لديها الحماس للاستفادة من الفنون، فالأمر قائم على حرية الاختيار وكما نحترم موقفك الرافض نرجو أيضا أن تحترم موقف المرحبين بهذا القرار.