د. أحمد الفراج
قبل أيام، أرسلت مدرسة ثانوية من ولاية كنتاكي بعض طلابها في زيارة لواشنطن العاصمة، وهو تقليد أمريكي عريق، فهناك البيت الأبيض، الذي سكنت فيه شخصيات سياسية بارزة، غيّر بعضها مجرى التاريخ، مثل الجمهوري ابراهام لينكولن، الذي ألغى الرق، والديمقراطي فرانكلين روزفلت، الذي قرر أن تكون أمريكا قوة عالمية عظمى، وخلفه الديمقراطي أيضًا، هاري ترومان، المزارع البسيط، الذي أصبح رئيسًا لأمريكا، ثم أعطى الأمر باستخدام القنابل النووية المرعبة، التي لم يتم استخدامها منذ ذلك الحين، وفي واشنطن هناك مبنى الكابيتال هيل، الذي يضم الكونجرس بتاريخه العريق، وهناك المحكمة العليا، التي جرت في أروقتها مرافعات تاريخية، بعضها غيّر مجرى التاريخ.
فمن يمكن أن ينسى، عندما قررت المحكمة العليا فوز الجمهوري بوش الابن بالرئاسة، في انتخابات عام 2000، رغم أن منافسه الديمقراطي، آل قور، هو من فاز بأصوات غالبية الشعب، وتضم واشنطن البنتاقون، مبنى وزارة الدفاع، كما تضم تماثيل لشخصيات كان لها أثر في التاريخ الأمريكي، وعودًا على طلاب ثانوية كنتاكي، الذين زاروا واشنطن لرؤية هذه الأماكن التاريخية، فقد تم إقحامهم بالحرب الدائرة حاليًّا، بين ترمب وخصومه الديمقراطيين، فقد كان هؤلاء الشباب يعتمرون قبّعات تحمل شعار حملة ترمب الانتخابية (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى)، وفي إحدى ساحات واشنطن، صادف هؤلاء الشباب رجلاً أمريكيًّا من السكان الأصليين (الهنود الحمر)، كان يضرب الدف ويغني، أثناء مشاركته بمسيرة، أقيمت لتذكير العالم بقضايا السكان الأصليين حول العالم، فما الذي حدث؟!
ضج الإعلام المعادي لترمب بأن هؤلاء الشباب ضايقوا المواطن الهندي، والمحارب القديم، وكانوا يبحثون عن أي ذريعة للفتك به، من منطلقات عنصرية، ثم اشتعل تويتر، بعد أن تم إنشاء هاشتاق لهذا الغرض، وقد تم ربط هؤلاء الطلاب بترمب، وأن خطابه العنصري الإقصائي، هو ما جعل هؤلاء الشباب يتصرفون بهذا الشكل العدائي مع أحد السكان الأصليين، رغم أنه محارب قديم، ما جعل ثانوية كنتاكي تضطر لإغلاق حسابها، نظرًا للمضايقات التي واجهتها، وهذا جعل أنصار ترمب يثورون، ويدافعون عن الشباب، ويتهمون اليسار بافتعال أزمة غير ضرورية، بسبب شباب، تصرفوا كما يتصرف أي مراهق، وقد دخل ترمب على خط الأزمة، وتبعه ساسة آخرون، يدعمهم إعلام اليمين بزعامة قناة فوكس نيوز، وعرّاب اليمين فيها، تيكر كارلسون، والخلاصة أن الحرب بين ترمب وخصومه تجاوزت كل الحدود المعقولة، وربما يكون القادم أسوأ!