فهد بن جليد
زيارات المسؤولين السرية والتفقدية وغير المبرمجة في مختلف مواقعهم تترك أثرًا إيجابيًّا لدى الناس في كل مرة يحدث ذلك مهما كانت أهمية ذلك المسؤول أو قدرته على التغيير. الناس يعتقدون في ذلك انتصارًا للحقيقة، وكشفًا للمواقف التي يعيشها ويواجهها المراجع أو المستفيد من الخدمة بشكل يومي أمام وجه التجمل الذي تتزين وتتحلى به المشاريع والمكاتب والإدارات بمجرد زيارة الوزير أو المدير العام أو رئيس المنظمة للوقوف على الخدمات المقدمة. أنجح برامج التقييم والمراجعة اليوم داخل وخارج أي منظمة أو قطاع أو خدمة هو تقمُّص دور المراجع والعميل أو المستفيد؛ فالقياس الصادق لجودة الخدمة المقدمة للعملاء يكون من خلال تجربة العميل نفسه، ومعرفة وجهة نظره، وما يواجهه من عقبات ومصاعب. والأفضل أن يقوم بتلك التجربة نيابة عن المسؤول موظفون، يثق بهم، وعلى قدرة وكفاءة عالية، وبشكل مستمر؛ ليقيّموا الخدمة بشكل سري دائم، وتُتخذ على ضوئها القرارات والحلول المطلوبة والمقترحة لتحسين التجربة وتجويدها. الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أطلقت أمس الأول الخميس المرحلة الأولى من برنامج «المتسوق الخفي» الذي يهدف إلى تطوير وتحسين الخدمات المقدمة للسياح، والارتقاء بها، من خلال مراقبة الخدمة بالمنشآت السياحية، والتعرف عليها بواسطة موظفين لديهم الدراية الكاملة والخبرة الكافية بمستوى الخدمة المطلوب والمتوقع، ممن تم تدريبهم ليتقمصوا دور المستفيد والسائح، ويتأكدوا من مصداقية ومستوى الخدمات المقدمة له، واكتشاف أوجه القصور. الفكرة بحد ذاتها تضمن أن مقدمي الخدمة في الموعد دائمًا لتقديمها بالشكل المنتظر والمطلوب.
مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، وفتح المجال للتواصل مع الناس مباشرة عبر هذه المنصات، ولو من خلال أرقام (واتس آب) مخصصة للمسؤولين والمديرين لتقبُّل المقترحات والملاحظات من المراجعين مباشرة، أقترح أن يستفيد كل مسؤول مؤتمن على خدمة الناس من خلال وزارته أو إدارته أو منظمته من فكرة «المتسوق الخفي»؛ ليتم تعميمها ضمن إدارات المراقبة والجودة، بوجوه جديدة في كل مرة على طريقة «المراجع الخفي» تماشيًا مع حرص قيادتنا على تلمُّس احتياجات الناس، وقضائها، وتحسين حياتهم والخدمات المقدمة لهم. وهذا لا يعني أن يركن المسؤول لمثل تلك الفكرة لتصبح روتينًا وظيفيًّا على طريقة المفتشين، بل عليه أن يقف بنفسه من خلال الزيارات الميدانية المفاجئة.
وعلى دروب الخير نلتقي.