د. محمد بن عبدالله آل عبداللطيف
تستمر هيئة الترفيه في إبهار المواطن بما تقترحه من أنشطة طموحة جدًا لتوطين سياحة الترفيه في المملكة من أجل توطين السياحة وجلب السائحين، والحد من سفر المواطن للخارج من أجل هذه الأنشطة. وكان من بين الأنشطة الإبداعية التي أعلنت عنها الهيئة مسابقة لمطاردة الثيران في مدينة شقراء، وهو خبر مفرح استقبله أهاليها بمزيج مختلط من الفرح والدهشة، لأنهم يعلمون أن عند الهيئة الخبر اليقين بما يناسب المدينة من نشاط.
دارت النقاشات المتفائلة الحالمة في الاستراحات والمزارع حول هذا المقترح الطموح جدًا، وانقسم الناس بين فرح، ومستغرب. وهذا أمر طبيعي جدًا لأنك لو درت شقراء برمتها قد لا ترى ثورًا واحدًا. ومعظم شباب شقراء لم ير ثورًا في حياته إلا من خلال الصور في مادة المطالعة. ولذا يستغرب البعض قدوم هذا النشاط المفاجئ لمدينتهم. آخرون يرون أن ذلك يجب ألا يكون عائقًا أمام هذا النشاط الترفيهي السياحي المهم ولذا لا مستحيل تحت الشمس ويجب الاستعداد المبكر لهذا النشاط لأنه سيزيد من جاذبية شقراء السياحية، ويضاف لأنشطة أخرى مثل زيارة المواقع التاريخية، والفياض الجميلة، والكثبان الرميلة الحمراء المميزة، والمهرجانات الموسمية السنوية كمهرجان إنتاج الفلفل الأحمر.
وقد اقترح بعض العيارين من شقراء، والعيارة، وسرعة البديهة، والنكتة الحاضرة هي في الحقيقة أهم عامل جذب سياحي للمدينة، فأهل شقراء أهل بديهة حاضرة ونكتة مبتكرة تلمسها ما أن تطأ قدمك أرضها، ولذا أقترح البعض أن يضاف «الستاند أب كوميدي» لمهرجان ملاحقة الثيران المقترح كنشاط جانبي. وتدور أحاديث في شقراء الآن عن احتمالية وجود رابط تاريخي ما بين شقراء وإسبانيا، وإذا ما كان هناك ثمة رابط تاريخي لم يكتشف بينهما بعد. ورجح بعضهم أن يكون أصل رياضة ملاحقة الثيران ذاتها عربي من الجزيرة العربية وشقراء تحديدًا، وخصوصًا في مواسم تلقيح البقر، فاقترح استضافة الدكتور عيد اليحيى في المنطقة عله يعثر على الرابط المفقود ويدعم الترويج للنشاط الترفيهي القادم.
وبدأ أهل شقراء بالتساؤل الفعلي حول مكان وزمان إقامة النشاط، هل سيكون مكانه حليوة وأزقة شقراء القديمة؟ أو خارجها في الرحبة؟ أو ربما خارج المدينة في الوديان والشعاب المجاورة. وتساءلوا عن كيفية الاستعداد لذلك. هل سيتم جلب المطاردين مع الثيران كسياح، أم يجب الاستعداد بالتدريب الذاتي من الآن؟ هل سيتم ابتعاث بعض شباب المنطقة لمقاطعة نافارا في إسبانيا لتعلم أصول وقواعد هذه الرياضة؟ أسئلة كثيرة بدأ الأهالي يتداولونها.
رياضة مطاردة الثيران ستُدخل شقراء حتمًا خارطة السياحة العالمية، وستدخل أهالي المنطقة في أجواء الرياضات العالمية. وربما تتيح هذا الرياضة لشقراء التوأمة مع مدينة «بامبلونا» الإسبانية الشهيرة بهذه الرياضة، بحيث تصبح شقراء بامبلونا الشرق الأوسط، وبامبلونا شقراء إسبانيا. وللمعلومية فقط فبامبلونا إسبانيا تشتهر أيضًا بإنتاج أفضل أنواع الفلفل الأحمر في شبه القارة الإيبيرية، وربما تتشارك المقاطعتان بعد التوأمة في تكوين كارتيل عالمي للفلفل الأحمر تنظم له بقية الدول المهتمة.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر فيمكن أيضًا إنشاء ساحة لمصارعة الثيران في المدينة يكون اسمها «كوريدا دو توروس دي لا وشم»، أي ساحة الوشم لمصارعة الثيران. ورياضة مصارعة الثيران صناعة مربحة جدًا يعتمد عليها كثير من الصناعات الأخرى كصناعة البدلات الرياضية، والقبعات، والتذكارات، سواءً تذكارات الثيران أو تذكارات المصارعين. ويمكننا إبداع تصاميم محلية لهذه الملابس: شماغ مصارعة الثور، سروال سنة مطاردة الثور، نعال الهروب من الثور ونبدأ برياضة محلية خاصة بنا.
عمومًا مصارعة الثيران لا تختلف كثيرًا عن مصارعة البشر إلا أن الأولى تنتهي بإعلان القضاء على الثور، وهو أمر يعده الكثير من البشر عملاً لا إنساني ويطالب بإيقاف هذه الرياضة، ولذا يمكننا استباق الإسبان في اقتراح مصارعة محلية للثيران لا تموت فيها الثيران بل يعاد تدويرها في الحلبة، وتكون فيها السهام سهاماً من البلاستيك فذلك سيزيد من جاذبية هذه الرياضة والإقبال عليها، وسيستبق حتمًا أي نقص متوقع في عدد الثيران من المنطقة، فاستجلابها من مناطق أخرى سيكون مكلفًا كثيرًا.
وفي الختام يمكن القول إن اقتراح الهيئة جاء نتيجة للتفكير بشكل إبداعي خارج الصندوق، ولكن لا مستحيل تحت الشمس، ولا حدود للطموح إذا ما توفر لك الخيال الجامح والإمكانات غير المحدودة، ونحن نعيش في عصر العولمة، عولمة البشر، والأفكار والمنتجات، ولذا تمكن أيضًا عولمة الثيران واستيرادها من أفضل البلدان المنتجة لها. ومن يعلم فقد تنافس شقراء بامبلونا مستقبلاً.