فضل بن سعد البوعينين
تنويع مصادر الاقتصاد أحد ركائز رؤية 2030؛ غير أنها مرحلة تحتاج إلى كثير من العمل التطويري، على المستوى الحكومي والبنى التحتية؛ إضافة إلى مد جسور الشراكات الأجنبية التي يمكن من خلالها تمويل المشروعات الإستراتيجية الضخمة.
خلال ثلاث سنوات مضت، عمل مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية؛ بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مهندس التغيير وعراب رؤية 2030، بجد وبمسؤولية تامة لاستكمال متطلبات تنفيذ برامج الرؤية؛ ومنها برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية؛ الذي ربما شكل 30 في المائة من مجمل أهداف الرؤية لكبر حجمه ولشموليته وارتباطه بقطاعات مختلفة؛ ما أسهم في إطلاق البرنامج الطموح الذي يضم ما يقرب من «13» برنامجًا لتطوير الصناعة؛ وتتداخل فيه 30 جهة حكومية تابعة لأربعة قطاعات مهمة ورئيسه، يُعول عليها تحقيق أهداف التنوع، ودعم الاقتصاد، ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، والمتمثلة في القطاع الصناعي، التعدين، الطاقة، والخدمات اللوجستية.
للبرنامج أهداف كثيرة أبرزها دعم الصناعة الوطنية وإيجاد قيمة مضافة مرتفعة للمنتجات الأساسية، ودعم القطاع الخاص وتنميته ومساعدته لخلق مزيد من الوظائف، وتحويل المملكة إلى مركزاً للخدمات اللوجستية وتنمية التقنيات المبتكرة إضافة إلى خلق الفرص الاستثمارية.
قد تكون الصناعة خياراً إستراتيجياً للمملكة، إلا أن تطوير قطاع الخدمات اللوجستية ربما أسهم في تحفيز القطاعات الثلاثة الأخرى؛ فهو قاطرة الأهداف، وقاعدتها التحتية. تطوير وتشغيل خمسة مطارات جديدة وإضافة 2000 كيلو متر من الجسر البري، ورفع كفاءة الموانئ السعودية وتشغيل ميناء رأس الخير، ومجمع الملك سلمان للصناعات البحرية سيعزز من مكانة المملكة في الخدمات اللوجستية، وسيدعم هدف سمو ولي العهد في تحويل المملكة إلى مركز عالمي للخدمات اللوجستية، وسيسهم في توفير شبكة نقل متقدمة تدعم الصناعة والتعدين والطاقة وتسهم أيضاً في دعم القطاعات الاقتصادية الأخرى.
أكثر من 30 اتفاقية تم توقيعها بحجم استثمار قارب 135 مليار ريال؛ ما يعكس أهمية هذا البرنامج مقارنة بالبرامج الأخرى. وبالعودة إلى الصناعة، فتطويرها يعني استثمار الصناعات الأساسية التي تشكل قاعدة الإنتاج، واستثمار مخرجاتها لبناء قاعدة من الصناعات التحويلية الوسيطة والنهائية؛ ومنها المنتجات البتروكيماوية التي ما زالت تصدر كمنتجات أساسية، ما يفقد المملكة القيمة المضافة المرجوة منها؛ إضافة إلى مشروعات الطاقة النوعية.
أعتقد أن الصناعات العسكرية جزء رئيس من مستهدفات تطوير الصناعة، وبما يسهم في توطين الإنفاق العسكري وتعزيز المحتوى المحلي وتحقيق متطلبات الأمن الإستراتيجي.
إطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية يعني الانتقال الفعلي من التخطيط إلى مرحلة التنفيذ التي ينتظرها الجميع، وبحجم إنفاق يتجاوز 200 مليار ريال، وإمكانية رفد الاقتصاد بـ 1.6 تريليون ريال من الاستثمارات، عوضاً عن الشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص الذي سيكون له الدور الأكبر في هذا البرنامج.
بقي أن أشير إلى فعالية إطلاق البرنامج المتميزة تحت رعاية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتشريفه، إضافة إلى مشاركة نحو 1000 مشارك من المختصين والمستثمرين والتنفيذيين من داخل المملكة وخارجها، وأهمية مثل تلك الفعاليات الاحترافية لتحفيز مستثمري الخارج والداخل وإطلاعهم على البرنامج الطموح والفرص الاستثمارية، ومد جسور الشراكات الاقتصادية، وعكس صورة إيجابية عن المملكة وإصلاحاتها الاقتصادية والسياسية والمجتمعية التي باتت واقعاً معاشاً ومرحلة الانطلاقة نحو المستقبل.