فهد بن جليد
التسوّق والتبضُّع الجماعي (بالنيابة) في لندن وباريس وإسطنبول وغيرها، فكرة جديدة بدأت تظهر بين أفراد المُجتمع، حيث تسافر المرأة وزوجها (الأخف في العائلة) دون أطفال، بحثاً عن السعر الأفضل والبضاعة الجيِّدة، ويقومان بشراء الملابس والأحذية ... إلخ، وكل ما يجدونه أو تم توصيتهم به من بقية الأقارب والأصدقاء بعد عرض الموديلات والألوان لهم مُباشرة عبر برامج التواصل الاجتماعي بشكل سريع، فتصبح تكلفة (التذكرة والسكن) مجانية عند ما يتم تقسيمها على مُشتريات المتسوِّقين الآخرين من العائلة ليتحمَّلوا جزءاً بسيطاً لا يُذكر، مُقابل تسوّقهم بشكل مُباشر وسريع دون تكبد عناء السفر أو تحمُّل قيمة التذكرة، تبدو الفكرة مقبولة كنوع من ذكاء المُستهلكين يُمارسها حتى المُقيمون في الخارج من المُبتعثين للدراسة ومَن في حكمهم، علينا هنا أن نبحث فيما وراء تلك المُمارسة وأسبابها وآثارها.
هذا السلوك الشخصي يمكن فهمه بالبحث عن جودة المُنتج وضمان أنَّ القطع أصلية - هذا مؤسف مع كثرة المُنتجات المُقلَّدة محلياً - مع عدم الثقة في كل المتاجر والمحلات، أو بالبحث خارجياً عن سعر أقل وأرخص مع جشع التجار وطمعهم، مثل هذا التسرُّب في السوق المحلي له أشكال كثيرة بعضها مقبول كالتبضُّع والتسوّق (أون لاين) في المتاجر المحلية، المؤسف أنَّ التبضّع يتم خارجياً في العادة بهذه الطريقة عبر الإنترنت، مع ظهور فكرة (التسوّق الجماعي) في الخارج عند متوسطي الدخل بوجود البديل الأجود والأرخص، استمرار الغلاء الفاحش في الأسعار وزيادة الأرباح، وكثرة المغشوش من البضائع والمُنتجات هو ما يدفع لمثل هذا السلوك الجديد، الذي لن يضر التجار وحدهم، بل له آثار اقتصادية سلبية على المدى البعيد يجب الانتباه لها، وإيجاد الحلول المُناسبة لمُعالجة الوضع.
صحيح أنَّ الأسواق العالمية مفتوحة اليوم بعضها على بعض بين مُختلف البلدان، ولكن غياب الرقابة المطلوبة على جودة كثير من المُنتجات في أسواقنا المحلية، وجشع وطمع بعض التجَّار، ونقص الوعي لدى المُستهلك، جعلنا نشهد هجرة أموال المتسوِّقين المحليين للخارج بأشكال مُختلفة بدلاً من صرفها في الداخل، على طريقة (بيدي لا بيد عمر): أشتري البضاعة الأصلية مُباشرة من المصنع أو المنفذ الأجنبي الذي سيدفع له التاجر بربع أو نصف الثمن، وأسلم بباقي مالي من طمع هؤلاء، الحقيقية لا أحد يلوم المُستهلك، فاللوم برأيي يقع على التاجر الجشع في زمن المُنافسة المفتوحة!
وعلى دروب الخير نلتقي.