د.عبدالعزيز الجار الله
كيف تحول صندوق التنمية العقاري من الحل التنموي الحضاري لكل السعودية بأن ساهم في إعمار المملكة من شاطئ البحر الأحمر إلى موانئ الخليج العربي ومن رمال الربع الخالي إلى جبال تبوك، حيث بدأ التعمير من منتصف السبعينات الميلادي إلى أوائل عام 2017، عندما تحول الصندوق العقاري من ذراع معماري ضخم لإعمار المدن تحول إلى قضية رأي عام ومنازعات مع البنوك، فالصندوق صار قضية مفصلية بعد أن تحول من الحكومة عبر تعامله المباشر مع خزينة الدولة، حين كانت تعزز الصندوق سنويا من الميزانية العامة أو من فائض الميزانية، إلى أن تحول للمؤسسات المالية البنوك، تتحمل الدولة فيه تسديد فوائد قروض البنوك.
صندوق التنمية العقاري هذا الحل السحري أو الاكتشاف العجيب الذي اهتدى إليه جيل السبعينات هو الذي قام بإذن الله وتوفيقه في إعمار وبناء المملكة المناطق والمدن والمراكز والقرى حتى غطى الأرياف والهجر النائية، نقل المملكة من بيوت الحجر والطين وأعشاش الأشجار والصفيح إلى البيوت ذات الطراز الأوربي الحديث، والذي مازلنا نعتز بهذا النمط من العمران الشامل حيث تشابهت المدن والتقت مع القرى في الطراز المعماري، والوحدات الإنشائية، ومواد البناء، ونفاخر به المجتمعات الأخرى والدول النفطية التي ضخت أموالها على الحروب والصراعات والفساد المالي.
إرادة الله أن تتم التنمية الحضارية في هذا الوقت المبكر من عمرنا الحضاري ووفق الله جيل السبعينات إلى إنشاء صندوق التنمية العقاري في بدايات السبعينات ترافق معها طفرة اقتصادية أولى قفزت أسعار النفط من 6 دولار أمريكي للبرميل الواحد إلى 50 دولارا للبرميل فجاءت عوائد مالية وجهت للتنمية الاجتماعية والانتقال السريع من المدن ذات الشوارع الترابية وبيوت الحجر والطين والانتقال من أحياء الرياض القديمة المتلاصقة إلى مخططات جديدة بمواصفات وشوارع حديثة الإنشاء والتخطيط تشاركت الدولة والمجتمع في بناء المساكن والمشروعات التجارية والبدء في البنية التحتية من طرق وخدمات الكهرباء والمياه.
فَلَو أننا أضعنا فرصة الدورة الاقتصادية الأولى كنا قد بقينا في الأحياء الشعبية القديمة والعشوائيات وقاع المدينة الخرب، إذن جيل السبعينات من المخططين والبناة لم يترددوا لحظة واحدة أمام مشروع التنمية الاجتماعية الشاملة التي محورها الإسكان وتعمير المدن فباشروا في البدء والتنفيذ، وجعلوا محور التنمية إسكان العائلات في مساكن تمكنهم من الانطلاق عبر ثوابت المنازل أولا ودعم الاقتصاد المحلي والاستقرار.