عبده الأسمري
جدير بكل «إنسان» أن يعرف معنى الحياة دون الاكتفاء بحفظ متونها.. وأن يتعرف على تفاصيل السلوك وأن يتصرف وفق منطلقات «التجارب».. في ذهن كل نفس بشرية عشرات «الأجندات اليومية» التي تنتظر الترتيب والتهذيب في سياق أيام وليالي تقتنص منا الوقت وترمينا أما إلى اتجاهين من روعة التقدم أو ثورة الندم أو رونق الوعي أو سوءة الغي.. ويبقى الرهان مرتكزًا إلى نقاط البدايات ومصير النهايات. فالأعمال أجناس والأقوال والأفعال استئناسًا بالفكر وفق قطبية الإيجابية أو السلبية.
لكل إنسان معتقداته واعتقاده ومفاهيمه وفهمه ويبقى جائلاً مائلاً إلى حيث تتجه كفة مزاجه أو رواجه في ميادين التعاملات..
يجهل العديد منا القيم والميول والاتجاهات التي تحيط بالنفس البشرية وتؤطر ثباتها وإثباتها وحولها وتحولاتها في موازين تبقى ميراث «ذكر» وإرث «فكر» ليبقى الإنسان في دائرة من الفتون والمتون والمشارب والمسارب التي تقتضي اليقين وتحتم التيقن بما تلامسه «الروح» من نتائج وبما يعانقه «البوح» من نتاج.
في ثورات الابتلاءات والامتحانات يظهر «الناس» كنماذج «اختبار» معلنة عصية على الفهم أحيانًا مستعصية على التفاهم أحايين أخرى ويتجلى «التعامل» في هيئة لغز يبرز المميز عن الناجح ويميز المتفوق على المكافح.
لم تكن القصص العميقة الواردة في دستورنا العظيم «القرآن الكريم» سوى براهين ودلائل على تحقيق الحق وحظوة الصلاح في ظل هزيمة الباطل واندحار الأهواء..
والسؤال الأهم ما مقدار توظيف تلك الوقائع والبراهين على حياتنا؟ في ظل «ضعف» إنساني لا يقي من مصارع السوء ولا من هلاك الاستياء.. فنظل في التمسك بأقوال وخبرات ولكنها لا تفي شيئًا لوجودها في خانة «الاحتياط» بعيدًا عن الاعتبار بفصولها والانجبار بنتائجها التي تشكل «سلوانًا» مستديمًا يعطر حياة الإنسان بنسائم «الصبر» وغنائم «الجبر»
الذات الإنسانية قادرة على الاحتمال في قدرة مذهلة لتجاهل «الجهل» وتغافل «السفه» وإدارة الظهر لمن يبحثون في وقع الأقدام السائرة إلى المراتب الأولى عن خطوط فشل «مستحيلة» يجعلونها بؤرة يثيرون حولها الجدال والتجادل.
الدروس المستسقاة القابعة على صف «الحفظ» والماثلة على ناصية «الحظ» والمستوقفة بأمر «الانتظار» تظل لوحة مشاهدة ولكنها «غير مجدية» ما لم يتمكن للإنسان من فهمها وتفهمها وكتابة خطوطها وإعادتها حتى يفهم مساراتها وفك ألغازها والسير في متاهاتها بإضاءات «العقل» و«استيفاءات» المعنى»..
الموت الذي يتشكل لنا في «قدر محتوم» يوزع مواجع «الفقد» بتراتيب إلهية يبقى عنوانًا مقروءًا يتسرب إلى شرايين النفس مؤقتًا ولكنه يخرج بأعراض انسحابية متى ما ركضنا في فرح مؤقت دون أن يكون العنوان «دهرًا» للثبات والتفاصيل دهورًا للتحول.
في سنوات العمر معاني كثيرة للحياة أوقفتنا كثيرًا واستوقفتنا أكثر والحصيف من استفاد من الدروس واستعاد قيمة «الرضا» مع كل وجع وانقاد إلى غنيمة الشكر مع كل «نعمة».
بين أيادينا قاموس حياتي يتحول إلى معجم مملوء بالوجوه والمواقف ممتلئ بالتوقع والاندهاش مكتظ بالمعروف والنكران متبدل الألوان متغير الصفحات متنوع المعاملات نقلبه في ذاكرتنا يوميا بعضنا يسعى من خلاله للحفظ والبعض يميل للتحفظ في ظل تغيرات حياتية ومتغيرات معيشية وسنين عمر تضعنا أمام الخيار أو الإجبار وسط أقدار تأتينا لترصد الاقتدار في التعايش معها فتمر الأيام وتعبر الأشهر لننتقل من درب إلى آخر ومن حين إلى غيره.. ننكص بعقولنا إلى تلك المحطات من الزمن لنكون بين حتميات «الدروب» ومحتمات الهروب من مصائر تتأرجح بين الحسن والسيئ وما بينهما من متشابهات ومفارقات.
هنالك العديد من التفاصيل الغائبة التي نمر عليها ولكننا نتجاهلها ونتغافلها مع أنها تشكل أدوات لإكمال بناء سلوكنا وإثباتات لأعمار ذواتنا في مسارات «الفائدة» كونها عناوين «مفروضة» للتوقف والاستيقاف والفهم لمعاني كثيرة تعترض حياتنا كي ننعم بالاستفادة والإفادة مع أنفسنا ومع الآخرين حتى نكون عناصر فاعلة في أعمار الأرض واستقرار العيش.