عبد الاله بن سعود السعدون
المشهد السياسي الإيراني يتكرر مرة أخرى باستعادة الفترة التي شهدت تدحرج الكرة السريعة بانهيار حكم الشاه محمد رضا بهلوي وتجانسه مع ما تشهده طهران اليوم من مؤشرات تظاهرات وعصيان مدني تكشف ضعف وانهيار حكم ملالي طهران سياسياً واقتصادياً بشهادة رأس السلطة التننفيذية حسن روحاني بتقييمه لفترة النظام المتسلط على الشعوب الإيرانية بقوله(إيران تمر بأسوأ مرحلة اقتصادية منذ تأسيس النظام قبل 40 عاماً) هذا الاعتراف الرسمي يضع كل مؤسسات الدولة في مجال المساءلة الشعبية من قبل الجماهير الغاضبة في الشارع الإيراني الملتهب بكل مدنه وصنوفه المهنية، فالبازار بحالة انهيار تام نتيجة لانخفاض سعر الصرف بين العملة الرسمية الريال والعملات الصعبة في السوق المالية العالمية بعد العقوبات الأمريكية على أقتصاديات الدولة الإيرانية التي أثرت بصورة مباشرة على صادرات البترول الإيراني، وغيرت نتائج الميزان لمؤسسات المصرفية في بازار طهران والتي قد تتجه إلى التعامل بالعملة الرقمية (البتكوين) مع ارتفاع نسب مخاطرها بالتذبذب وعدم الضمان البنكي بتداولها وقد يكون المزاد اليومي للدولار في البنك المركزي العراقي مصدراً هاماً للتحويل النقدي بين المصارف العراقية المتعاملة مع البازار في طهران وتقديم تسيلات مالية لحركة تصدير البضائع الإيرانية عبر السوق العراقية لمعظم دول الشرق الأوسط علماً بأن الميزان التجاري يؤشر بالسلبية نحو صادراتها من السلع والمنتجات للسوق العالمية بحصارها وبشكل محكم بعد أن تم حظر وسائل النقل العالمية من التعاون مع الحركة التجارية الإيرانية، وجمود حركة التصدير بسبب الصعوبات البنكية العالمية بالتعامل مع الدول المستوردة للنفط الإيراني مؤشراً بتراجع صادرات النفط الإيرانية، وقد أظهرت الإحصاءات أن العقوبات الأمريكية أضرت بشكل خطير بصادرات النفط الإيرانية.. حيث في ديسمبر الماضي 2018م انخفضت صادرات إيران من النفط إلى مليون ومئة ألف برميل يوميًا، وهذا الانخفاض يشكل نسبة 60% قياسًا إلى الربيع الماضي من السنة نفسها.
وحسب ما أعلنه البنك الدولي، فإن صادرات النفط الإيرانية انخفضت إلى 1.6 مليون برميل في سبتمبر من 2.5 مليون برميل يوميًا. عقب الانخفاض في صادرات النفط، وقد واجه اقتصاد النظام الريعي المعتمد على مردودات النفط النقدية ظروفًا صعبة أيضًا. نتيجة الانخفاض السريع لسعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار في السوق النفطية العالمية مما يجعل الخسارة مضاعفة بتدني الصادرات البترولية من جهة وتدهور أسعار صرف العملة الوطنية إلى أكثر من نصفها خلال الأشهر الماضية..
وفي بيان أدلى به السيد فريد ماهوتشي عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية معلقاً على حالة القلق التي تلازم ملالي طهران بقوله، إن الضغط الأكبر للعقوبات هو على قوات الحرس الثوري التي تستحوذ مثل الأخطبوط على الاقتصاد الإيراني. لسنوات عديدة، حيث تسيطر قوات الحرس على ثلث مجموع العائدات المالية لإيران على الأقل. ومن بين الكيانات الاقتصادية التابعة لقوات الحرس الإيراني مؤسسة خاتم الأنبياء التي تعمل في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات وبناء الطرق، ولديها أكثر من 800 شركة تابعة بصورة مباشرة لقيادة الحرس في طهران..
و(بعد 40 عامًا من حكم هذا النظام التسلطي والعاجز عن إدارة مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية لفترة الأربعين عاماً من حكمه الظالم مما جعل المواطنين يعيشون في فقر وعوز، ويصبح أغلبهم بدون عمل يقتاتون به لارتفاع معدلات البطالة وانتشار الفساد الإداري والمالي بين المنظومة الإدارية في مجموع الوزارات والمؤسسات الاقتصادية ومحاربة كل معارض لوجودهم بمنعه من ممارسة حقوقه المدنية في اختيار العمل المناسب لمؤهلاته العلمية والعملية بل أصبح الانتماء للمؤسسات الطائفية وتأثير الترشيح المباشر لمنسوبي الحرس الثوري هو المعيار المميز لنيل وظائف الدولة العامة دون النظر للمؤهل المناسب والخبرة العالية مما جعل المنظومة الإدارية منحلة ضعيفة قليلة نسب أدائها وانتشار الرشوة والمحسوبية في مراكز القرار بالوزارات والمؤسسات التابعة للحرس الثوري المنتشرة بكل القطاع الاقتصادي الإيراني، وهذا العجز في الأداء الحكومي يتزايد بصورة مستمرة ومقابل للرفض الشعبي بعصيان العمال والمعلمين والمزارعين يقوم النظام الإجرامي بكل وسائله القمعية بضرب التظاهرات والاحتجاجات بمليشياته الأمنية والمرتزقة من أعضاء البريستنج وعملاء الاطلاعات الاستخبارية بشكل إجرامي وانتقامي في محاولة لأنهاء مظاهر العصيان والتظاهرات الشعبية في كل المدن الإيرانية، وأصبح كرسي السلطة أكثر اهتزازاً تحت رجال النظام المتهاوي لنهايته المعهودة بممارسة صنوف القمع وأعمال الاغتيالات لأعضاء المقاومة المجاهدين داخل البلاد وتصدير الإرهاب والتحريض الطائفي إلى الجوار العربي.
ومما يؤكد هذا التوجه العدواني ظهور الزيادة في ميزانية هذا العام بالمقارنة بالعام الماضي لوزارة المخابرات بنسبة 31% وهيئة أركان قيادة قوات الحرس بنسبة 26% مما يؤشر على النية المبيتة للنظام بتهيئة مشاريع تحريضية توسعية جديدة هذا العام لصد التداعيات السلبية باتجاه قلب النظام الممثل في المؤسسات الأمنية المرتبطة بمكتب الولي الفقيه ورئيس الجمهورية وقيادة الحرس الثوري..
وتسعى قوى المقاومة الإيرانية لتركيز ضرباتها لهذا النظام المتهاوي والآيل للسقوط والعمل الجدي المستهدف لإسقاط هذا النظام المتسلط والجاثم على صدر الشعوب الإيرانية لأربعين عاماً وصفها رأس الدولة روحاني بأنها حققت أسوأ اقتصاد طيلة مدة حكمه الأربعينية.. ولهذا تبقى الطريقة الوحيدة للخلاص النهائي منه باستمرار ومواصلة الانتفاضة حتى النصر واستعادة الشعوب الإيرانية لدفة الحكم المدني الذي يحقق الحرية والاستقلال والازدهار الاقتصادي مع السلام وحسن الجوار مع الجوار الإقليمي والدولي.
إن شهادة رئيس الجمهورية روحاني تحمل معنى واحدا بفشل نظام الملالي بحصيلة الأربعين عاماً من حكم مرشدهم الأعلى الولي الفقيه، وتعطي نور الأمل لمنتهى النفق الجهاد للقوى المعارضة الإيرانية لتحقيق هدفهم السامي بإسقاط النظام وإعلان الحكم المدني بمشاركة كل الشعوب الإيرانية المناضلة والمنتشرة على جغرافيته وطي صفحة التسلط والظلم نهائياً ومعها دكتاتورية الولي الفقيه ومليشياته الإرهابية. وتحقيق السلم والاستقرار والتنمية لكل الجوار الإقليمي.