د. عبدالرحمن الشلاش
لدى بعض الناس قناعات عجيبة وغريبة؛ فبمجرد دفعه مبلغاً من المال مقابل اشتراك في خدمة ما تقدَّم لمجموعة من الناس يتصوّر أنه ملك كل الخدمة وعلى من يعملون أن لا يتوانوا في تقديم الخدمة له قبل غيره، ولو حدث أن تأخر موظف في خدمته قلب الدنيا وسب وشتم وارتكب كل الأخطاء بحق العاملين دون وجه حق. «أدفع ومن حقي أن أخدم قبل غيري» فكر متخلّف يتجاهل بقية البشر، كنا سابقاً نعاني كثيراً من الذين يتجاوزون الطوابير ويبحثون عن أي أحد يقدّمهم على غيرهم وحين طبّقت بعض الدوائر والمؤسسات نظام الأرقام صاروا يتحايلون بمساعدة الموظف المسؤول ليكونوا في الصدارة وليس هناك سبب سوى العلاقة الوطيدة بين الموظف والمراجع.
هذا الشخص الذي يريد معاملة خاصة وبمشاركة الموظف غير الأمين تسبب في تأخير العشرات من المنتظرين وأخذ دورَ غيره وارتاح من عناء الانتظار دون وجه حق ومثله كثير. منحه هذا الدور غير المستحق بسبب معرفته بالموظف وفي أماكن أخرى من العالم تقدمه فلوسه. مثل هؤلاء ومن فرط أنانيتهم لا يحترمون النظام، بل إنهم سبب مباشر في أي فوضى أو تأخير وكأنه سلوك نرجسي مكروه وممقوت.
هناك من الناس من لا يفرِّق بين بيته وحلاله الخاص وبين الأماكن العامة التي هي ملك للجميع والأولوية فيها لمن يأتي أولاً، ودفعك للفلوس أو النقود لا يعني أن تتعدى على حقوق غيرك فهم دفعوا مثلك تماماً وبالتالي لهم نفس الميزات إن كان في جامعة أو كلية أو مدرسة أو ناد أو فندق أو مطعم أو محل تجاري أو حديقة . من الذوق أن تحترم كل الواقفين في الطوابير، وكل الجالسين في انتظار الدور حتى المراجعين في المستشفيات فأولويتك يحددها وقت حضورك وليست فلوسك! و دفعك لأي رسوم لا يعني أن تطوّع الأنظمة من أجلك ويتم التغاضي عن المبادئ من أجل عينيك. مثل هذه الثقافة بما تنطوي عليه من قناعات سلبية تسببت في اتكالية لا تجلب في النهاية إلا الضرر لصاحبها والفساد للمجتمع.