د. تركي بن هشبل
يعيش على أرض الإمارات العربية المتحدة أكثر من 200 جنسية تنعم بالحياة الكريمة والاحترام والمساواة وذلك انطلاقاً من قيم الدولة التي تحرص على تعزيز قيم التسامح والاعتدال والتعايش مع الآخرين. زرع ونشر هذه القيم والمبادئ يساهم في إحداث التغيير الإيجابي للأفراد والمجتمعات والارتقاء بالإنسان. ولإدارة التغيير وتعزيز هذه المبادئ, قامت دولة الإمارات بإجراءات ومبادرات عديدة منها:
أولاً: إطلاق جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمية التي تنطلق من التعاليم الإسلامية السمحة ويبرز فيها معاني التسامح والاعتدال وخلق قنوات للتواصل مع الشعوب كافة.
ثانياً: استحداث وزارة للتسامح عام 2016م وذلك لدعم موقف الدولة نحو ترسيخ قيم التسامح والتعايش والإشراف والمتابعة على البرامج التي تخدم تعزيز هذه المبادئ.
ثالثاً: إطلاق البرنامج الوطني للتسامح عام 2016م لتعزيز دور الحكومة كحاضنة للتسامح وترسيخ دور الأسرة المترابطة في بناء المجتمع وتعزيز التسامح لدى الشباب ووقايتهم من التعصب والتطرف وإثراء المحتوى العلمي والثقافي والمساهمة في الجهود الدولية لتعزيز التسامح. كما يتضمن البرنامج مبادرات عدة, منها تخصيص أسبوع للتسامح سنوياً وإنشاء مركز الإمارات للتسامح وبرنامج المسؤولية التسامحية للمؤسسات.
رابعاً: إصدار قانون مكافحة التمييز والكراهية عام 2015م والذي يهدف إلى إثراء ثقافة التسامح العالمي ومواجهة التمييز والعنصرية سواءً كانت عرقية أو دينية أو ثقافية. هذا القانون يجرِّم كل أشكال التمييز ونشر خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير.
خامساً: إنشاء مراكز لمحاربة التطرف والإرهاب, مثل المعهد الدولي للتسامح الذي دشِّن عام 2017م لبث روح التسامح في المجتمع وترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق الفكري. كما يعمل المعهد على بناء وتأهيل قيادات وكوادر عربية شابة تؤمن بقيمة التسامح والانفتاح والحوار بين الأديان والثقافات. ومن الأمثلة أيضاً مركز «هداية» لمكافحة التطرف العنيف والذي يعمل على بناء شراكات إستراتيجية مع مؤسسات عدة للتركيز على مجالات مثل الدبلوماسية الرياضية والثقافية ومكافحة التطرف العنيف في المناهج التربوية ودعم ضحايا الإرهاب. ومن المراكز التي أطلقتها دولة الإمارات مع الولايات المتحدة الأمريكية «مركز صواب» الذي يهدف لدعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب. كما يعمل المركز على تصويب الأفكار الخاطئة وتصحيحها وإتاحة مجال أوسع لإسماع الأصوات المعتدلة التي غالباً ما تضيع وسط كثير من الأفكار المغلوطة التي يروجها أصحاب الفكر المتطرف إما جهلاً أو لخدمة أجندة وسياسات خارجية.
سادساً: إعلان أن عام 2019م في دولة الإمارات سوف يطلق عليه «عام التسامح». وهذا يهدف إلى إبراز الدولة كعاصمة عالمية للتسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب.
سابعاً: احتضان «مجلس حكماء المسلمين» الذي تأسس عام 2014م ويتخذ من أبوظبي مقراً له والذي ينظّم «المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية» الذي تنطلق أعماله هذه الأيام بمشاركة قيادات دينية وشخصيات فكرية وإعلامية عالمية, من أبرزهم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس.
إن هذا العمل الفريد الذي تقوم به دولة الإمارات التي اتخذت من التسامح نهجاً أساسياً في سياستها الداخلية والخارجية سوف ينعكس إيجابياً على جميع دول المنطقة والعالم العربي والإسلامي ورسم صورة حقيقية وجميلة للتعامل والتسامح في الإسلام.