ماجدة السويِّح
لا يمكن إنكار قوة وقدرة وسائل الإعلام على صنع صورة المرأة، وتعزيزها في عقول الجمهور، الذي بدوره يؤثر بلا شك على قيمة المرأة ودورها في المجتمع، فالصور والأدوار التي تنقلها لنا الأخبار والدراما عن المرأة، لها تأثيراتها العميقة على معتقداتنا ومواقفنا، وطريقة التعاطي مع المرأة وقضاياها بحسب الصورة المقدمة.
المخرجة السعودية هيفاء المنصور طالبت صانعي الأفلام بالتوقف عن تمثيل النساء العربيات كضحايا خلال جلسة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وأكدت أن جميع النصوص التي حصلت عليها تجمع على تمثيل النساء المسلمات والعربيات كضحايا وحزينات، المنصور جسدت المشكلة وطرحت الحل عبر تجربتها الإخراجية، حيث أوضحت أن إحدى مهام أفلامها تصوير النساء القويات في منطقتها، وأكدت أنها تستمتع بتجسيد وتقديم النساء القويات والمقاتلات، صاحبات الإرادة القوية، للتغيير بدافع البقاء أو النجاح.
في الحقيقة أن التمثيل النمطي ليس صنعة غربية فقط، بل هو صنعة عربية أيضا، فقد اتفقت عدد من الدراسات أن وسائل الإعلام العربية ركزت على تمثيل النساء بشكل سلبي، عبر تقديمها المرأة في أدوار تقليدية، واهتمامات لا تعبر عن الواقع الآن، وتجاهل للتغيرات والاهتمامات التي تسترعي اهتمام المرأة اليوم.
فما زالت الدراما تركز على تصوير المرأة كشخصية عاطفية، غير قادرة على التفكير بعقلانية واستقلالية، وتقدم شخصيات لا تعكس الواقع الذي نعيشه.
الواقع أن المنتج العربي يميل إلى طرح وتجسيد الشخصية الضعيفة والمضطهدة، بدلا من تقديم النساء المستقلات والقويات، المتابع للدراما العربية سيجد أن «متلازمة الضحية» ما زالت موجودة في كل فيلم ومسلسل عربي، بل إن المشاهد ما زال مدمنا لتلك المرأة الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة، التي لا تملك سوى البكاء أو الثرثرة لمن حولها عن معاناتها، ويصدق عليها وصف وزير التعليم السابق «البكاؤون الشكاؤون» بجدارة، بدلا من سعيها إلى التغيير.
للأسف الضعف ما زال يقدم كمرادف للأنوثة، وصورة الزوجة في باب الحارة التي امتهنت تقديم فروض الولاء والطاعة ب «حاضر ابن عمي» دون نقاش، ما زالت تداعب مخيلة الشاب العربي، الذي يعتقد أنه سيحظى بتلك الزوجة التي اندثرت، ولم يعد لها وجود.
وفي المقابل تقدم المرأة الأنانية والمتسلطة كمرادف للاستقلالية والقوة، خصوصا في المسلسلات الخليجية، وهي في حقيقتها صورة متطرفة للخروج من الصورة التقليدية للزوجة، دون اعتبار للمودة والرحمة بين الزوجين.
و للأسف الصورة الواقعية المعتدلة حول الحياة الزوجية، القائمة على الحب عبر المشاركة والتعاون يتم تجاهلها في الدراما ولا تقدم كواقع.
أخيرًا.. على وسائل الإعلام أن تكون جزءا من الحل، وقوة إيجابية للتغيير، فمن يرسم صورة المرأة يملك مفاتيح التغيير بكل اقتدار.