خالد بن حمد المالك
من حقِّ أيّ إنسان أن يعبّر بحرية كاملة عن آرائه، وأن يقول ما يشاء من وجهات نظر، طالما التزم أدبيات الحوار، وتماشي مع مسلّمات النقاش، وكان كلامه في سياق القول الموضوعي المطلوب، بعيداً عن الإسفاف، أو استخدام جمل وعبارات وكلمات تسيء إلى الذوق العام.
* *
ومن حقِّ القادة في دول العالم تحديداً، أن يواجهوا الإعلام للتعبير عن مواقفهم من الأحداث والتطورات العالمية، طالما أدركوا أنّ كلّ كلمة محسوبة عليهم، وكلّ رأيٍّ إنما يعبّر ضمناً عن موقف دولهم من هذه الأحداث أو تلك.. وإذا ما جاء تناولهم للأحداث بكلمات خادشة للقيم والأخلاق وحسن التعامل؛ فهذا يعني أن ذلك تجاوز للخط الأحمر المرفوض.
* *
قوة الحجّة، لا تكون بالصراخ والهياط، ولا باستخدام كلمات بذيئة، وإنما تكون أولاً وأخيراً بالتزام أدبيات الحوار، والاستناد على الحقائق لا على الاتهامات الباطلة غير الموثَّقة؛ وعلى الهدوء لا على الانفعال المصطنع، وما عدا ذلك فهو تهريج لا يعتدّ عليه.
* *
وعندما يأتي من يتاجر بقضية مقتل جمال خاشقجي، ولا يكلّ ولا يملّ من الحديث عن هذه الجريمة؛ ويدّعي أنّ لديه تسجيلات ومعلومات عنها، دون أن يفصح للإعلام عن شيء منها، فهو كذّاب أشر، وصاحب موقف عدائي، لا يحسن حتى إدارته لهذا الموقف، أو إقناع السذّج بمصداقيته.
* *
قديماً قيل: إنّ كلّ إناء بما فيه ينضح.. وقد سمعنا ما نضح بأكثر مما فيه، فانكشف على حقيقته، وعرَّى نفسه ذلك الذي يتحدث عن قضية خاشقجي دون وجه حق، فكان أن أحرج حتى مناصريه بأكاذيبه، وتسوّله دول العالم ليقتنعوا بما يقوله عن جريمة القنصلية في إسطنبول.
* *
أسأل كما سأل غيري، إذا كان جمال مواطناً سعوديّاً وليس تركيّاً، وإذا كانت الجريمة وقعت في أرضٍ سعوديةٍ هي القنصلية السعودية في إسطنبول، وإذا كان المتهمون جنسياتهم سعودية، وطالما أنّ سلطات المملكة أعلنت عن أسماء المتهمين، وتم إيقافهم على ذمّة التحقيق، وأنّ النائب العام حدّد مطالبه أمام القضاء.. فماذا يُراد من هذه الحملة المفتعلة التي لم تهدأ بعد؟!
* *
من الواضح أنّه كلما ضيّق الخناق على هذا الذي أعطى نفسه الحقَّ في المطالب بدم الخاشقجي، وانكشف عوار حججه، وعدم اقتناع العالم بما يتحدث به عن هذه الجريمة، كلما زاد الضغط عليه، وفقد توازنه، وراح يهذي، ويقذف الرجال الشرفاء الكبار بما اعتاد عليه من العبارات المسيئة مع مَن يختلف معهم، وهذا هو سبب فلتة لسانه عندما وصف بلا حياء غيره بما لا يليق من الكلمات.