سعد بن عبدالقادر القويعي
منذ أن أعلنت المملكة إطلاق حملتها التاريخية للقضاء على الفساد، والأجهزة -الضبطية والرقابية- تقوم بتعزيز دورها في ممارسة اختصاصاتها؛ بما يضمن الفاعلية، وحماية المال العام، والمحافظة عليه؛ نظير ما حظيت به من دعم سياسي قوي؛ فاكتسبت مضمونًا إستراتيجيًّا، قام على تشخيص المشكلة، ومعالجة أسبابها، بتعاون الأجهزة الحكومية، ومشاركة المجتمع، ومؤسساته -بشكل مستمر- كما حمل البيان الملكي في طياته رسالة صريحة، وواضحة للأجهزة الحكومية المعنية، إلى القيام بمهامها في حماية النزاهة، ومكافحة الفساد، وممارسة اختصاصاتها، وتطبيق الأنظمة المتعلقة بذلك.
وضع اللجنة العليا لمكافحة الفساد العام، والمشكّلة بأمر ملكي رقم (أ/ 38) بتاريخ 15-2-1439هـ، يدها على أكثر من 400 مليار ريال ممن قبلوا بالتسوية، وهو الحل الذي انتهجته اللجنة -منذ تأسيسها العام الماضي-، وذلك بعد استدعاء 381 شخصًا، بعضهم للإدلاء بشهاداتهم، دليل على تحرك الدولة بكل حزم، وقوة؛ لمكافحة الفساد، والتصدي له، واتخاذ جميع الإجراءات النظامية، وتقديم الدعم اللازم للجهات المختصة المعنية بمكافحته، وبشتى -أشكاله ومظاهره-؛ وفقا لما هو مقرر لهذه الحملة بخطة الدولة.
إعلان النتائج بكل تجرد، وبالأرقام، يثبت -بما لا يدع مجالا للشك- استمرار الدولة في نهجها في حماية النزاهة، ومكافحة الفساد، والقضاء عليه، وردع كل من تسول له نفسه العبث بالمال العام، والتعدي عليه، واستباحة حرمته، وذلك من خلال تفعيل دور الجهات الضبطية، والرقابية، والتحقيقية، والقضائية، التي تعمل جنبا إلى جنب في سبيل تحقيق الإصلاح الإداري، والتصدي لكافة أنواع الفساد في القطاعين -العام والخاص-، والمصحوب بالإرادة السياسية العليا، التي لا تقبل الضعف، أو الهوان في التصدي لجرائم الفساد.
الفساد ظاهرة دولية، وعامل قلق للمجتمع الدولي، تختلط فيها الأبعاد -الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية-، -وبالتالي- لا يمكن لأي دولة أن تكافح تلك الجرائم بفعالية بمفردها دون تعاون الدول الأخرى، -سواء- كان ذلك لغرض تبادل المعلومات، أو الخبرات، أو الآراء؛ مما يستدعي تفعيل الشراكات في مكافحة الفساد، والاتفاقيات، والمعاهدات -الإقليمية والدولية- ذات الصلة؛ لتحقيق الهدف الذي يركز على محوري -النزاهة ومكافحة الفساد- مستقبلا، وبشكل تتضافر فيه الجهود؛ لتطبيق منظومة النزاهة الوطنية بشكل شمولي؛ وفق تطلعات القيادة، وطموح المواطن.