د. عبد الرحمن الشبيلي
بدايةً، لست ممن أصابهم الإرجاف بشأن مصير الصحافة الورقيّة، فطبيعة المجتمع السعودي بخاصة والعربي بعامة، سيبقى لحين من الزمن متعلّقاً بتصفّح المطبوع، وبتقليب الصفحات بيديه وأمام ناظريه، لكن سوق الصحافة تمرّ كغيرها بموجة تصحيحيّة، تُعيد الأمور لأوضاعها الطبيعيّة المعقولة، وتساعد على تحقيق قاعدة «البقاء للأصلح» وربما يكون من بين ما ستشهده حركة غياب واندماج وتقليص، فالقوي سيبقى وربما يعزِّز مركزه، ونقيضه سيتلاشى، كما أن القارئ الذي تفتّحت أمامه الخيارات الأخرى سيكون انتقائيّاً، وربما يتغيّر تعامله مع الورق وحفظه وعادات قراءته.
ومن بين ما سيحتفظ بمكانته من المجلات الورقيّة، مطبوعات النخب المتخصّصة التي قد لا تتأثّر كثيراً بموجة التصحيح هذه، خاصة إذا ما استطاعت أن تجاري الزمن بالإفادة من التقنيات الحديثة المعروفة.
أما عن مجلّتنا الثقافيّة - التي كسبت منذ صدورها خلال السنوات الماضية، رصيداً كبيراً من الاحترام والثقة، بسبب مستواها النوعي الرصين، وجدارة القائمين عليها- فكانت غادة الإصدارات الثقافيّة التي حافظت على مستواها، وكان محبّوها المثقّفون يترقّبون موعد صدورها، ويألمون عندما تتسبّب مناسبة في حجبها، أو يطغى الإعلان على عدد صفحاتها.
إن تحجيم مكانها الحالي بين صفحات «الجزيرة»، فيه تقزيم لمكانة الثقافة، في وقت أخذت الثقافة اعترافاً لائقاً بها بين قطاعات الحكومة ووضعاً يدعو للتفاؤل، في طريقه للتبلور.
نتمنّى للثقافيّة عمراً مديداً، ووضعاً مستقلّاً، يشرّف الثقافة الوطنيّة، والمؤسّسة ومؤسّسها الراحل عبدالله بن خميس.