د.عبد العزيز الصقعبي
في أواسط الثمانينات الميلادية وفي الصفحة الثقافية بجريدة الجزيرة العزيزة، مارست أنا وبعض الزملاء الكتابة عبر مساحة أتيحت لنا في ذلك الوقت تحت مسمى «مساحة للركض»، في تلك المساحة كتبنا وتواصلنا مع القراء، كنا مستمتعين بتلك المساحة، في الوقت ذاته كنا نحلم ألا تكون المساحة ضيقة ومحدودة، مضت السنوات، ابتعدت كثيراً عن هذه المساحة الخصبة التي تشكلت في السنوات السابقة لتصبح ملحقاً متميزاً، ثم مجلة، وكانت المجلة الثقافية التي بدأت كملحق مستقل لضمان الحفظ الورقي بحجم التابلويد، كنت أتابعها وأحرص على اقتنائها، وكان أكثر مما تميزت به هذه المجلة احتفاؤها برجالات الثقافة والأدب في المملكة والعالم العربي، فكانت مرجعاً مهماً الأمر الذي جعل القائمين على الملحق وهيئة تحرير الصحيفة بقيادة الأستاذ خالد الملك والدكتور إبراهيم التركي إلى توثيقها وتحويلها إلى كتب لتحفظ في المكتبات العربية.
المجلة الثقافية أصبحت صدراً رحباً، يضم صفوة الأدباء في المملكة والوطن العربي، حين قررت العودة لها بعد سنوات غياب باحثاً عن مساحة أخرى للركض، وممارسة الإطلالة الأسبوعية على القراء، خفت ألا أجد مساحة، ولكن رحابة الصدر شملتني كغيري، ولكم أن تتخيلوا ما الذي اختلف، المساحة أصبحت كبيرة، وليست بصيغة ورقية بل إلكترونية أيضاً لتصل إلى يد كل قارئ.
والأجمل أن أكون ضمن تنوع ثقافي في تلك المجلة بين حوار وتحقيق ونقد وإبداع وتحليل إخباري، منظومة من الثقافة قلما تحدث في ملحق لصحيفة يومية.
نحن هنا نحتفل بصدور بالعدد600 من المجلة الثقافية، هذا الاحتفال ليس خاصاً بالمجلة، بل هو احتفال في مشهدنا الثقافي باستمرار مجلة أدبية تصدر عن مؤسسة صحفية، على الرغم من معاناة المؤسسات الصحفية المالية وعزوف القراء واتجاههم إلى الإعلام الجديد، المجلة الثقافية كما أسلفت منظومة أدبية ثقافية، تقرأ ورقياً وتنتشر إلكترونياً بين أوساط المثقفين ليس في المملكة فقط بل في ذلك الفضاء الممتد مغطياً العالم كله ولا أبالغ في ذلك، إذا عرفنا أن التقنية الحديثة تجاوزت كل الحدود وسهلت التواصل.
ها أنا أكتب، لست وحيداً، كما كنت سابقاً حين كنت أمارس الركض، حين لا أجد معي إلا القلة، أنا أمارس الكتابة، وأعرف أن عشرات غيري يشاركونني في مساحة أتيحت للجميع.