كانت (الثقافية) - في البدء - فكرة أطلقها الأستاذ خالد المالك، وأراد لها أن تكون خادمة للفكر والثقافة والأدب والفنّ بجميع اتجاهاتها وأشكالها، ولم يُكتب لهذه الفكرة النجاح إلا لأنها أُسندت إلى زملاء يحملون هذا الهمّ ويحتملونه، وهم أصحاب الفضل في استمرار (الثقافية) إلى يومنا هذا، متحدية كل الصعوبات التي تعاني منها الصحافة المطبوعة، وهم أصحاب الفضل أيضاً في كل ما مرت به من عمليات التقويم والتطوير والإثراء، وليس هذا وحسب، بل هم أصحاب الفضل في الوصول بها إلى مستوى ليس له منافس اليوم في مسار الملاحق الثقافية والأدبية، وهذا ما عبّر عنه كثير من الراصدين، ربما كان آخرهم الدكتور سعد البازعي في إحدى تغريداته على تويتر مشيراً - في هذا السياق - إلى كثافة مادتها وتنوّع موضوعاتها.
أعي جيداً حجم التحديات التي تحيط بعملٍ كهذا منذ البدء وليس اليوم، وأعي جيداً أنّ إمكانية استمراره مهددة من كلّ جانب منذ ولد وليس اليوم، لكنّ هذه التحديات مجتمعةً لم تنجح في زعزعة قناعة الأستاذ خالد المالك بأهمية دعم (الثقافية)، ولم تنجح في استدراج هذا الملف إلى منطقة الحسابات المادية المعروفة في المؤسسات الصحافية، ولم تجمّد الرغبة في البقاء والانتشار والتطوير لدى فريقها المتميز، كما لم تنجح بعد في خفض سقف (الانتظار) لدى قرائها ومتابعيها. نحن اليوم أمام العدد (600) من هذه المجلة، ومعها ذاكرة ثقافية مهمة لا تقل عن ستة عشر عاماً، وأما مداها في مسارات الفكر والثقافة والأدب والفن فلا حدّ له.
أهنئ أسرة (الجزيرة) عامة، وأسرة (الثقافية) خاصة، وأهنئ كتّابها وقرّاءها، وفي مقدمة هؤلاء جميعاً الدكتور إبراهيم التركي الذي كان وما زال قلبها النابض ومداها البعيد.
** **
- د. خالد الرفاعي