إبراهيم عبدالله العمار
كثر الطفيليون في الماضي لما توسع الناس في الخير وانتشرت الدعوات والموائد، ولهم طرائف كثيرة في كتب التاريخ، فمنها أنه عوتب طفيلي على التطفيل، فقال: والله ما بُنيت المنازل إلا لتُدخل، ولا نُصبت الموائد إلا لتؤكل، وإني لأجمع في التطفيل خلالاً، أدخل مُجالِسًا، وأقعد مستأنسًا، وأنبسط وإن كان رب الدار عابسًا، ولا أتكلف مغرمًا، ولا أنفق درهمًا، ولا أتعب خادمًا.
هذه الطرفة فيها بعض الحق وبعض الباطل، فأما الباطل فهو تسويغه لتطفّله، وطبعًا لا يصح أن ندخل العزائم والولائم لأناس لا نعرفهم، ولكن في الوقت نفسه أعجبني في طريقة تفكير هذا الطفيلي أنه مرتاح!
إنه غير مكترث، يسوّغ ويبرر خطأه، يفعل ما يريد بغض النظر عن أي اعتبارات أخلاقية أو ذوقية فقط ليستمتع ويعيش حياته. أكاد أحسده على ذلك! في أيامنا هذه حيث كثرت المقلقات والهموم والضغوط، ما أحسن طريقة التفكير هذه! أحيانًا تتمنى أن تستعير مثل هذه العقليات وتنظر للعالم خلالها لتستطيع أن تترك الإفراط في التفكير في الماضي والمستقبل وفقط تعيش يومك غير عابئ بأي شيء إلا راحتك ومتعتك.
أعرف أشخاصًا أصابتهم علل جسدية من كثرة همومهم وغمومهم، وليس الهم والغم لوحده، فهناك أناس لديهم أضعاف ما لدى هؤلاء لكن يمتازون أنهم لا يستسرسلون مع الأفكار السلبية، أما الكثيرون اليوم عكسهم فيستطيع أن يصنع من حصاة الضيق البسيط جبل الضغط الشديد، فقط بالانجراف مع رياح الأفكار السوداء.
لو كان هذا الطفيلي موجودًا اليوم لذهبت إليه ودعوته إلى ولائم مستمرة، ولا أريد منه إلا شيئًا واحدًا: أريدك أن تقدم محاضرات أسبوعية لتعلمنا كيف نعيش يومنا مثلك براحة بال!