يوسف المحيميد
ظللنا سنوات طويلة نحتفل بطوابير الجامعيين والجامعيات، وفي مجالات نظرية معظمها لا يحتاجه سوق العمل، وأصبح لدينا تكدس من الطاقات الشابة المعطلة، دون أي تحفيز للشركات الصناعية بممارسة دورها في توفير كفاءات وطنية وتدريبها للعمل فيها. وكالعادة بادرت الدولة وأنشأت المعاهد الفنية والتقنية التي أسهمت بشكل جيد في تلبية متطلبات سوق العمل، لكن الخطوة الأهم هي في مشاركة هذه الشركات الوطنية في دعم هذه المعاهد في توظيف طلابها ومتدربيها من أول سنة عمل، بمكافأة جيدة حتى تخرجه والتحاقه بوظيفة مضمونة لدى هذه الشركات.
من هنا، انطلقت مشروعات وطنية تعاونية مشتركة لتدريب وتأهيل وتوظيف الكوادر الوطنية في الوظائف الفنية المتاحة لدى الشركات والمقاولين العاملين في مشروعات صناعية، على سبيل المثال كلية الجبيل الصناعية التي نالت مكانة جيدة في مجال التعليم والتدريب التقني، ليس على مستوى الجبيل الصناعية وإنما على مستوى المملكة، وما يميز هذه المشروعات هو نجاح الشركاء في السير نحو هدف الوطن في توفير قوى عاملة، وخفض معدل البطالة. فمجرد شعور الدارس في هذه الكليات والمعاهد بأن تجاوز السنة الدراسية الأولى يمنحه فرصة الحصول على عقد عمل أثناء الدراسة، يمنحه طاقة كبيرة للالتحاق بهذه الكليات ويبذل الجهد للتفوق، والتحول إلى عنصر فاعل في هيكل الصناعة الوطنية، وهي الأمل الكبير للحفاظ على مكانة المملكة وقوة اقتصادها ومتانته.
ومن نماذج المعاهد التي تحظى بشراكة مميزة لعدد من الشركات الوطنية، المعهد التقني السعودي لخدمات البترول، المعهد السعودي التقني للتعدين، المعهد السعودي للإلكترونيات... وغيرها من المعاهد التقنية التي تعمل على توفير كوادر مؤهلة في مجالات خدمات البترول والتعدين والإلكترونيات... إلخ. وما زلنا بحاجة كبيرة إلى المزيد من خلق المبادرات، والتفكير خارج الصندوق، لجلب أفكار رائدة وتنفيذها، من أجل تنمية القوى العاملة الوطنية الشابة، وجعلها عمودًا محوريًا في الصناعة السعودية، أحد أهم المحاور التي تسعى لها الدولة خلال العقد القادم.