خالد بن حمد المالك
أضنانا التعب ونحن نلهث وراء مطالب قومية لا تتحقق، من الدعوة إلى الوحدة العربية، إلى خطبنا المجلجلة عن القومية العربية، من محاولات نحو التوجه للتكامل بين العرب في قضايا اقتصادية، إلى تنظيم مؤتمرات القمم العربية بأمل التوافق سياسيًا حول القضية العربية الأولى قضية فلسطين فالقضايا الجانبية الأخرى.
* *
كانت الجامعة العربية خيار العرب لتقريب وجهات النظر فيما بينهم، والاتفاق على المواقف والمبادئ التي تمس مصالحهم، لكنها ظلت شكليًا تمثل الحضن الدافئ، فيما هي واقعًا لا تمثل أي شيء، بل إنها أشبه ما تكون بمنصة للمبارزة بين بعض أعضائها ليس إلا.
* *
نعم كنا ولازلنا نلهث باتجاه المجهول، فالحروب في العالم تتركز في بعض دولنا، والإرهاب يتغذى من دعم بعض دولنا له أيضاً، وتآمر الشقيق على شقيقه هو صناعة عربية بامتياز، وقطر مثالاً على ذلك، فيما أن دولاً عربية محدودة العدد هي من تعيش خارج السرب وبعيداً عن هذه الأجواء المشحونة بالتوتر وقلة الحيلة.
* *
يذهب زعيم ويأتي آخر في انقلابات عسكرية أو انتخابات وهمية، وهكذا دواليك، والوضع على ما هو عليه، والحراك السياسي والأمني وحتى الاقتصادي لا يبشر بخير، فالعالم العربي يمر بأزمة، وجسمه مثخن بالجراح، وكل صوت حر يضيع في الهواء، دون أن يترك أثرًا في إصلاح الوضع، وتعديل ما يحتاج إلى تعديل.
* *
هذا ليس تشاؤمًا مني، ولا يأسًا ولا إحباطًا، وإنما هو كل هذا، فقد انتظرنا طويلاً على أمل أن تعالج الأخطاء، ويصحح المسار، وتنتهي الفتنة، وتكون الانتخابات حقيقية، لا أن يستولي القوي على مقاليد الحكم في بلاده، ويمددها فترة بعد أخرى بانتخابات يشوبها الشك في سلامتها وصحتها.
* *
وما نراه رأي العين، ونعايشه عن قرب، لا يعطي أي أمل بأن الدول العربية ستكون على موعد قريب لتغيير واقعها، وإخلائها من كل أسباب التخلف والضياع، وتحقيق ما اعتدنا أن نسمعه من وعود براقة ورنانة لا تلامس في حقيقتها طموحات الشعوب نحو غد مشرق.
* *
هذه صيحة، ومصارحة، وحديث وفق ما يسمى بجلد الذات العربية، بعد أن افتقدنا لكل أحلامنا الجميلة في وطن عربي قوي ومؤثر يمتد من المحيط إلى الخليج، وإن بقي من شيء نعوِّل عليه في دولنا، فهو في دول الخليج - بعضها تحديداً - ليكون الكلام صحيحًا ودقيقًا، فعسى أن يستنسخ الآخرون تجربتها، ليخرجوا من دائرة الخطر المزمن والدائم، ففي دول الخليج هناك ما يستحق أن يُقتدى به، ويُحاكى، مما هو مفقود عند غيرها من الدول، فلعلها تقدم على ذلك، حتى لا يصح فيها ما أطلقه وعناه عبد الله القصيمي عندما قال إن العرب ظاهرة صوتية.